أدب

قهوة البياض

نور الهدى باديس| أديبة وأكاديمية من تونس

على مشارف الجبل الأخضر
تراءت لي منازل
بها قهقهات تعبر وتعبر
إلى قلوب لفها السواد والخوف
والخواء
وقطرات من الدم تقطر
ضحكات أطفال
تطير حماما وقبرات وعصافير
من البياض والأحمر
والأخضر والأصفر ….
تزف رسائل
إلى أم لفها الضباب
وتراءت لها الحقائق كوابيس أرقت عينيها….
وحولت حليبها سوادا
وقهوتها بياضا من سراب وسكرها موت
يفجع ويقهر
هامة تدور بين الحقول
والسباسب والجبال
والورود
تنشد الضياء وضحكات للأطفال
لا تقهر
لم تر أمامها
إلا رؤوسا وجماجم
وأصواتا تنادي هنا وهناك
تقترب ثم تهرب وتختفي بعيدا
أماه ….أماه….
صوت بعيد ….
يقترب قليلا ثم يغيب ويهرب!!…
عود الزيتون بيديها
صار شاحبا يابسا
أسود….
وآثار الحناء على كفيها
ندوبا وجروحا لا تندمل
لا تختفي….
تذكرها يوم الغدر والقهر
يوم زفت أبناءها
بالزغاريد والحناء
وحملتهم طيورا في قلبها
تزقزق عاليا
أنشودة البقاء والخلود الأكبر…
من قال إن الشهيد حي لا يموت
ولا يفارق القلب الندي الأخضر؟!!!
من قال إن قهوتي الصباحية
قد فارقت سوادها
واستحالت
بياضا وسرابا وسما أبيض؟!!
انتبهي يا أمي
فرأسي عندك
وقلبي في قلبك ..
وروحي بك تهتدي
وتحلق عاليا وتعبر ..
إلى جنات حدثتني عنها طويلا …
مازال حلمي فيك يكبر …
يصرخ ..ينادي …
توقف …انتبه
إني هنا …لا تعبر…
أنا التي انتظرتك عمري …
وسأنتظر قدومك اليوم وغدا ..
لنشرب القهوة والشاي ..
ونتسامر …
ونضحك….
فليس لنا يا روحي…
وعمري الأجمل …
إلا الأمنيات والضحكات…
وشاينا الأخضر ….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى