النبأ الأليم
في رثاء الشيخ العلامة مهنا بن خلفان الخروصي فقيد الوطنية والعلم والأدب المتوفي هذا اليوم ٤ محرم ١٤٤٥ هجرية
شعر : هلال السيابي – سلطنة عُمان
أيدري الخطبُ أيٌَ فتىً أصابا
وأيٌَ مُجللٍ أوهى ونابا
***
وأيٌَ جنابِ مكرمة توارى
وأيٌَاً من نجومِ المجدِ غابا!
***
وهلَ تدري الكواكبُ في ذُراها
أجل، و البيضُ عانقتِ القِرابا
***
وتَدري المكتباتُ بما دَهاها
وإن كانت مدادَ الشرق ذابا
***
وما أدري وقد رحل المجلي
عن الميدان واستبقَ الصٌّحابا
***
أأضحى ذلك الصرح المُعلٌَى
رهينَ الرٌَمس يلتحف الترابا
***
وبات من المقابر، وهي سكرى
بأوبته، وأهلوه غضابا
***
أأم سكن السموات العوالي
وطار مع النبيين اصطحابا
***
لقد أودى،”المهنا” مُشمَخِرٌَاً
كريم الخيم وهَْاجا، شهابا
***
وطارَ مُحلٌّقاً، والمجدُ يبكي
عليه، ويصرخ الجود انتحابا
***
وأعلنها مجلجلة: إلهي
إليكّ..إليكَ أعجلتُ الركابا
***
ولو أني ملكت عنانّ شوقي
إليك لبتٌ اخترق السحابا
***
فإن بكتِ المحاريب اللواتي
رعاها واستراح لها انتدابا
***
فقد بَكتِ النجوم الزهر حزنا
وأكبرتِ المصيبة والمصابا
***
وبات العلم من عنتٍ وحزنٍ
سقيماً بعدما أبلى الثيابا
***
كأن الصرح بعد الشيخ أضحى
من الخطب الأليم به يبابا
***
هو النبأ الأليم بدا مُلِحٌاً
على الألباب موٌَاراً مهابا
***
تبدٌى بالخطوب مزمجرات
كأن الكون للرحمن آبا!
***
أبا محمود، يا ابن المجد هلاٌ
بقيت لكل مجدبة سحابا
***
وغيثاً صيٌّباً، وحَيَاً مغيثاً
لكل فتى دعا بك أو أهابا
***
وعقلا تشرأب له الدراري
يكاد من الحصافة أن يهابا
***
فتعطي للعلا أبدا حلاها
وتشرق في دجنتها شهابا
***
وتسقي المكرمات، وقد تهاوت
بعزمك، وهو ينسكب انسكابا
***
وتبعث في الحواضر والبوادي
شذاه الفرد والخلق اللبابا
***
فتكسو منك بالشيم العوالي
رجال اليوم شيبا أو شبابا
***
وتبني منك بالغرر الزواهي
صروحا بتن يشكين الحرابا!
***
أيا بن المجد والشرف المعلى
أغادرت المقاصر والقبابا
***
وعِفتَ الغاب والأشبال فيه
بربك هل تعاف الأسد غابا!
***
فمن للصرح بعدك يا مهنا
ومن للغاب إن مولاه غابا
***
ومن للعلم من فرع وأصل
ومن للفقه يشرحه كتابا
***
ومن للدهر يهصر من سطاه
إذا ما افترً هذا الدهر نابا
***
بربك ما دهاك، وكنت أدهى
من ابن العاص رأيا أو حسابا
***
ومن لنوائب الأيام يجلو
غواشيَهنٌَ والمحن الصعابا
***
أراك عجلت نحو الخلد سعيا
وودعت الأهالي والصحابا
***
أشاقك من ذرى الفردوس داع
فلبيت الدعاء المستجابا
***
أجبت الداعي الأعلى سريعا
وخير الناس طرا من أجابا
***
ولم تثن العنان ولو قليلا
ليوم تشمخر به انتصابا
***
أجل لو انها التسعون عمرا
فليت الدهر بالسنوات حابى
***
فمثلك من تضيء به الليالي
إذا ما الليل ألبسها الثيابا
***
ورثت من الرئيس ومن بنيه
جليل العلم، والرأي الصوابا
***
واترعت الدنان، ولست أدري
أكان النهر أم كان العبابا
***
بلادي، يا عمان المجد أيهاً
فكم من صارم ترك القرابا
***
أراك بكل يوم في رداء
من الأرزاء أحسبه غرابا
***
لقد أفلت نجومك، واستراحت
إلى الآفاق تختار المآبا
***
فمن لك في الحوادث من كريم
إذا ما الخطب بالأرزاء نابا
***
ومن لجلائل التاريخ يعلي
مناكبها، ويرفعها احتسابا
***
مضى الدهر الخؤون بكل فذٌٍ
فأبكى الساح شجوا والرحابا
***
وكم طالت بك الأعناق فخرا
وكم طلنا بك الدنيا رقابا
***
فإن يك بالمهنا طاح يوم
فكم بكِ قد صبا ولكم تصابى!
٤ محرم ١٤٤٥ هجرية – ٢٣ يوليو ٢٠٢٣ م