المثقف.. جدلية الاعتراف والإقصاء
سمير حماد | كاتب وشاعر سوري
أين أصبح المثقف من كل هذا الخواء الذي تمخّض عنه الحراك، وهذا الضياع الذي صرنا إليه؟
لقد استشرف ورأى, عملية تحطيم الواقع الفاسد نعم, لكنه آثر السلامة مكتفيا بالإيحاء والرمز, والسير على حوافّ العتبات، اتقاءً للشبهات وخوفا من القادم الأعظم؟ أين موقعه بعد أن ضرب الزلزال الثوابت القاتلة التي رسخت لعقود متتاليات؟
أين شعاراته التي طالما تباهى بها؟ ممارسة الفكر النقدي, وحريته النقدية الرافضة للتحزّب والانحياز أو الانخراط في قوافل الاعتراض المطلق أو في حشود التأييد الأعمى والولاء الموهوب وأن يكون همه الأبدي رفض الإقصاء مهما كانت مبرراته ورفض القمع مهما كانت مسوغاته.
ها هو يجد نفسه محاصرا مأزوما مهموما لايقوى على مواجهة المعادلة اليومية الحية لأي المشهدين سينحاز ويرفع أصبعه؟ للحرية مع الفوضى, أم للأمن مع القهر, لا أعني أمن الجسد وما يلزمه من سكن وطعام، قدر ما أقصد أمن القلوب والنفوس وطمانينة المشاعر والأحاسيس.
هل بات المثقف غير مؤهلا لفعل الحرية فيكتفي بجلد الذات؟ أم إنه ينتظر ويعد نفسه بدور جديد في واقع جديد؟
كم هو سهل يسير تحطيم الأصنام, وكم هو صعب عسير نحت تماثيل الحرية.