صَرْخَةُ الصقِيع
موزة المعمري | عُمان
من كَنَفِ الشتَاءِ, وشراسَةِ البردِ, وريَاحهُ الهَوْجَاء,
صَرخ الصَّقيعُ صرخةً مُدْمَاة بدمعٍ من قهر,
صوتٌ مبحوح لم تبن ملامح كلماته في تلك العاصفة العنيفة المُبهمة الطلاسِم,
بين أضلعه طفلٌ يَئِنُّ من بردِ الشتاء, ألمِ الشتاء, حُزنِ الشتاء,
ضمَّهُ الصقيعُ بين جناحيهِ يبغي حمايتهُ مِنَ الشتاتِ مِن بعضِ الشتاء,
فأصابهُ الوَهنُ العَميقُ في العِظّامِ فجأة؛ أطرافةُ باردة أكثرَ مِن الشتاء,
رياح أنفاسه مليئةٌ ببخارٍ فاتر, ثواني, دقائق, لحظاتٍ معدودةٍ, وما أدراك بكلِّ تلك اللحظات!
فارق الحياة مُنحَنٍ لأُخدودِ الشتاء,
فارقَ الحياةَ وبرودةَ الصقيع بين مَحَاجِره وأضلُعه العَوْجَاء,
بكى الصقيعُ عليهِ وما كان يبغي الفراق,
بكَى قائلاً له: إعذرني, فلم أكن أقصد قتلك بل كنتُ أقصد احتضانك بدفءٍ لم تَرَه بين أضلعِ البَشرِ الجَوْفَاء!
هَا أنتَ الآن حُرَّاً, طَليقاً, مُنَعَّماً, فِي كنَفِ السمَاءْ,
ودفء السمَاء,
وحُبِّ السمَاء.