صعود يحيى.. تضامنا مع الجرح الفلسطيني

عبد الرزّاق الربيعي

تسمية الصاروخ الفلسطيني المحلّي الصنع، الذي أطلقته كتائب القسام على الاسرائليين  “صاروخ يحيى عياش”، أعاد إلى ذهني نصّا كتبته يوم اغتيال الاحتلال الإسرائيلي ليحيى المهندس الكهربائي في 5 يناير 1996 أعيد نشره تضامنا مع الجرح الفلسطيني وغضبه الساطع

النص:
سمّته الضفّة : يحيى
كي تحيا الوردة ُ
سمّته شوارعُ غزة َ: يحيى
كي ترمي لُعب الأطفال ِ
شرارًا من سجّيل
فيزورُّ  الخاكيُّ
وتغرقُ في العتمة ِ
أنيابُ الليلِ
وتغرقُ دوريّاتُ الاستطلاع ِ
بسيل ِ مناقير ِ ” أبابيل” الحارات ِ الشعبية
واللبن البلديّ
سلامُ الأرض ِ المحزونةُ
يومَ كبرتَ على ثوب ِ العيد ِ
ويوم تصدّرت الذبح َ
ويوم بكى الشيخُ وقال :
على ” يحيى” وا أسفاه
فالدربُ المحفورُ
بأقدام ِ الدرك ِ الليليّ
قد ابيضّت عيناهُ
فنادتكَ الطرقات ُ
حجارةُ غزّة : يا يحيى
إنـّا بشّرناك َ
ببيت ٍ ملموم ٍ
كالضمّة ِ
أولاد ٍ يصطخبونَ بباب ِ الشمس ِ
يشدّونَ الريحَ
إلى حبلِ الصفصافة ِ
في الليل ِ ، يعتـّونكَ مثل حروف الجر
فعُدْ للدائرةِ المعقوفة ِ
في ضلع ِ الفرجال ِ
ونمْ في زاوية ٍ قائمة ٍ
دعْ شبّاكًا منفرجًا
تتأرجحُ فيه السُحبُ المطعونةُ
في زرقتها
–  لكنّ الزمنَ العربيَّ الأجوفَ عاقر ؟‍‍‍‍‍!!
هزّ إليك بجذع ِ الرشّاشة ِ
تسّاقطُ حسكًا برّيّا
وآتيناهُ الحزن َ الوطنيَّ صبيّا

°°°°°°
ومضى يحيى
للبحر ِ يهندمُ زرقتَهُ
يتصيّدُ عاقولا
يُطعمُ في العطلة ِ دُوريّا
ومضى يرسمُ جسرًا
متوازي الساقين ِ
ليعبرَ للرئة ِ الأخرى
يشتقّ الجذرَ التربيعيَّ لدهشتهِ
يضربُ أطراف َالظلِّ
تمامَ الخيمة ِ

°°°°°

 في الصفِّ
تعلّمَ كيف يزوغُ بعينيه ِ
إلى خارطة ِ الدنيا
ليؤشّرَ مقعدَه الخشبيَّ
“برام الله” مليّا
وتعلّمَ
كيف تكفّ الصدفةُ
عن عادتِها العشوائيّة ِ
كيف يراوغُ شرطيّا

°°°°°

في الشارع ِ
مرّتْ أجراسُ الإطفاء ِ
وصفّاراتُ البوليسِ المتوثّبِ
مرّ المهماز ُ
بظهرِ الإسفلت ِ دخانٌ
وعلى الحائطِ
صورةُ ” يحيى ”
فعلى من يعرفُ شيئًا
عن مخبأ قفازيه ِ
وعن غضبته ِ الزيتونيّة ِ
في جذرِ الوردة ِ
يُدلي للجنرالِ العصبي
حين يُعربدُ في المحضر ِ :
° هل شاهدتم يحيى ؟
– يحيى في الحقل ِ
يفجّر أنسامَ النجم ِ القطبيِّ
يدثـّر عُريَ الغيمة ِ
° ماذا قالَ لكم يحيى ؟
– كان يكلّمُ عصفورًا
ويوشوشُ في عينيه ِ
الغاطستين ِ
ببئرِ السبع ِ
° وماذا يفعلُ في الوقت ِ الفائض ِ عن رشّاشتهِ ؟
– يتصفّحُ أخبارَ الموتِ بـ”يافا”
° هل مرّ بكُم يحيى ؟
– قبل قليل ٍ
مسّدَ ريشَ أغنيةٍ
ومضى للواجب ِ

°°°°°

 لكنّ إجاباتِ الأشجارِ
تخبّيء ” يحيى” في أسطرِها
وتتمتمُ :
اركضْ يا يحيى
خُذ ْحافلةَ النارِ بقوّة
كي لا يحيا الزيتونُ
بمدرسةِ الأيتامِ الخيريّة ِ
اركضْ يا يحيى
اركضْ
في الساحةِ طلقة
في الطلقةِ مقهى
تجلسُ فيها ” سالومي”
وفتىً أشقرُ
في الشقرة ِ جيبٌ علويٌّ
في الجيبِ  دليلٌ ………..
في حرفِ الياءِ
تسجّل ” سالومي” رقمَك
اركضْ يا يحيى
اركضْ يا يحيى
اركضْ يا…
“أولاد الأفعى” قرعوا الطبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى