فكر

البحث عن إكسير الحياة!

علي جبار عطية

رئيس تحرير جريدة (أورك العراقية)
يبذل الإنسان جهوداً كبيرة ليحيا حياةً طيبةً خاليةً من المُنغِّصات والآلام مع عدم يئسهِ من أن يجد يوماً ما عشبة الخلود التي تؤخر عنه لحظة الانطفاء الحتمية التي لا ينجو منها تقي ولا فاجر ولابدَّ منها مهما طال العمر !
حاول الإنسانُ بالآداب والفنون أن يحصل على الخلود المعنوي، وكأنَّ لسان حاله يقول : ليس باليد حيلة ! وتجد ما يشير إلى ذلك في ما ترك من آثار ورقيم في الأماكن التي حل فيها.
الأعمار بيد الله سبحانه وتعالى لكنَّه علَّم الإنسانَ مالم يعلم لذا ليس من الغريب وجود أبحاث في جامعاتٍ مرموقةٍ تنصح بإجراء تغييرات بسيطة في نمط الحياة اليومية من أجل إضافة سنوات للعمر المتوقع، يمكن أن تصل لأكثر من عشرين سنة، حتى لو تم إجراء هذه التغييرات في منتصف العمر وليس في مرحلة مبكرة.
ينقل موقع (تودي) عن الباحث الأمريكي دان بوتنر أنَّ الجينات تتحكم فقط في عشرين في المئة بشأن السنوات التي يعيشها الإنسان، أما النسبة الباقية فتعتمد على اختيارات الشخص نفسه الصحية.
والتغييرات المطلوبة للحصول على حياةٍ جيدةٍ يمكن إيجازها بـ : تناول الطعام الصحي، وممارسة النشاط البدني، والنوم الجيد، وإدامة العلاقات الاجتماعية الإيجابية، وتقليل التوتر، وتجنب التدخين،
وتجنب المحرمات الدينية.
طبيب قلب ياباني متقاعد اسمه ريزو يبلغ من العمر ٩٥ عاماً تحدث لشبكة (سي إن بي سي) الأمريكية في ٢٠٢٣/٩/١٠ عن ثماني طرق للحفاظ على الصحة والسعادة، وإطالة العمر(والأمر طبعاً يشمل طويلي العمر أيضاً وغيرهم) مشيراً إلى أهمية التفاؤل، والنظر إلى الحياة بشكل إيجابي، وهذه الطرق هي:
المشي في الصباح الباكر لمدة من نصف ساعة إلى ساعة واحدة يومياً، والقيام بتمارين التمدد و القوة والتوازن، والتواصل مع الأقارب والأصدقاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي مشيراً إلى أنَّ ذلك يقلل من الشعور بالوحدة، ويقي من الزهايمر والاضطرابات العقلية والنفسية، فضلاً على أنَّ المرء حين تكون له علاقات جيدة مع أصدقاء حقيقيين تتحسن صحته أكثر من أي علاج بيولوجي أو دواء مضاد للشيخوخة !
يحرص ريزو على تدوين أفكاره وتجاربه كمذكرات، وهذا الأمر يدعمه نفسياً بشكل كبير، ويجعله يشعر بقيمة وجوده في الحياة، ويخصص بعضَ الوقت يومياً للرسم والتظليل والتلوين بعناية، مما يجعله أكثر تركيزاً وأكثر إيجابية في نظرته للحياة مع تخصيص بعض الوقت لممارسة هوايات جديدة.
مارس ريزو خلال مدة جائحة كورونا أعمال البستنة، والعزف على الريكورد، (وهي آلة موسيقية غربية شبيهة بالناي أو المزمار الشرقي) ، وهو حريص للغاية على أخذ قيلولة عدة مرات خلال اليوم من أجل الحفاظ على طاقته وصحته العقلية، وقيلولته هذه قيلولة يابانية منظمة بامتياز لا تنغصها أصوات باعة الغاز، والماء الآرو، وأغنية الأطفال (عل الموطا برّد برّد)!
وعلى خلاف النصائح التي يسديها الزهاد والنباتيون بترك اللحوم ، وتقليل الطعام فإنَّ ريزو يعشق تناول اللحوم الحمراء، ومنتجات الألبان، وهو مواظب على تناول الخضراوات والفواكه المتنوعة بشكل يومي،
تقول أستاذة التغذية في جامعة نيويورك
الدكتورة ليزا يونغ : إنَّ اتباع نظام غذائي صحي يساعد على تحسين صحة الدماغ ومنع التدهور المعرفي.
لقد أثبت الباحثون أن تناول أطعمة معينة يومياً يمكن أن يعمل بمثابة مضاد للشيخوخة، ولارتفاع ضغط الدم، وللالتهابات، وللسكري، وللسرطان، وللحساسية، وعد بعض الخبراء الأمعاء (الدماغ الثاني) في إشارة إلى شبكة الأعصاب المهمة في الجهاز الهضمي المعروفة بتوافقها مع الدماغ، والحديث في ذلك ذو شجون، والميدان مفتوح لمن يريد الاستزادة.
يرى ريزو أنَّ حالته الصحية الاستثنائية التي يتمتع بها وهو في عمر الـ٩٥ هي شهادة على حقيقة أنَّ هناك عدة عوامل تسهم في طول العمر، لا عامل واحد فقط، وأنَّ تحقيق التوازن في كل الممارسات هو الأمر الأكثر أهمية للحفاظ على الصحة.
مع كل هذه النصائح والحكم المفيدة للحصول على جودةٍ في العيش تبقى المسألة نسبيةً لذا حين سُئل الكاتب الإيرلندي الساخر جورج
برنارد شو (١٨٥٦م ـ ١٩٥٠م) عن الرياضة التي يفضل ممارستها.
أجاب : إنَّني لم أمارس سوى رياضة المشي خلف جنازة أصدقائي الذين كانوا يمارسون الرياضة !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى