أدب

نوار

انتصار عباس | الأردن 

1
في المساء أجلس وظلي الساكن في البحيرة ، وقبائل النساء اللواتي يسكن دواخلي نسكب أحاديث أوجاعنا في الماء ، وكأنك الرجل الوحيد على هذه الأرض .. نحبك جميعا هكذا دفعة واحدة .. تمر قربنا ..عيناك نجمتان تضيئان وجهي ووجوههن .. يداك حمامتان تحطان في يدي .. وأيديهن .. يطير الكلام .. ليت الكرى يطبق جناحيه على ما حولنا .. عيناك النضاختان تغمضان علي .. فنكون ..

2
تخيل انك البحيرة التي أجلس قبالتها الآن وأرى وجهي فيك .. وعلى راحتيك ترامى النخيل يناغي السواسن والأقحوان والحبق .. وقمر تدلى يسترق السمع إلينا .. ولأسماك روحينا وهي تسابق صحائف الزمن المتساقط من عمرنا … تمشط شعري خيوط الضياء .. تسرج خيول التعب لتروح بعيدا … بعيدا .. يناجيني صوتك العذب والماء .. أضمكما .. وعلى شفتي تتلألأ نجوم ابتسامتك الوادعة .. ..

3
لم تكن جدتي نوار امرأة عادية ، كانت قبيلة من النساء .. فحين رآها جدي لأول مرة أزهر قلبه ، و تساقط توته على صدرها .. ولما سارت الأيام بهما و سارا جنبا إلى جنب سارت معهما سنابل الحقول والأشجار حتى النهر الأوحد في القرية تبعهما وقد انعطف جانبا يشق طريقه إليهما … ! اتشحت الحاكورة بالأخضر والرياحين … وشجر التف يعانق الدار .. وعبق روح عاشقة .. كانت نوار .. نوارة قلب جدي وقد أزهر .. غاب جدي يوما قالت جدتي : الشوق لعين …!
قال جدي : الشوق ثعلب يشعل فيك روائح من تحب ويمضي .. وفي لحظة ماكرة ينقض عليك .. يلتهم قلبك ولا تدري .. !
كنا نضحك جنون جدي … لكنه ورثني تلك الروح العاشقة ..
فمنذ أن عرفتك وقلبي نسرا يحلق في سماء صدري ، تمزقه مخالب الشوق .. إذ أراك يبتلع الحنين لساني وتنفلت عقارب العمر إلى الوراء فأغدو طفلة تزهر … نوار الروح … !

4

تأخر نبضي في صحوه ولم أصح ‘ رحلت دون سابق إنذار .. وكأن عطرك العابق في ثناياي ينادي نسائم روحي لتعود .. وكأن الهواء المتصاعد من أنفاسك على الزجاج ترك أصابعك رفرافة تحوم فوق رأسي … تهامسني : كفاك شقاوة وتعالي ..الأمكنة تتضوع بنا .. !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى