عودة لذكريات حرب أكتوبر المجيدة
بقلم: رشيد مصباح (فوزي)
كتب الدكتور عمّيمور مقالا في جريدة رأي اليوم، يستذكر بعض الأحداث التي جرت في أهم حرب ـ كما قال ـ ينتصر فيها العرب. مستعرضا العلاقة التاريخية التي جمعت بين مصر و الجزائر، وبأنّها علاقة تعود إلى عهد الفراعنة، مرورا بالدّايات الذين حكموا الجزائر و قطعوا العلاقات مع فرنسا بسبب غزو نابليون لمصر، وقوفا عند الدور الكبير الذي قام به الرئيس الرّاحل (هواري بومدين) ـ رحمة الله عليه ـ والذي قطع العلاقات مع أمريكيا بسبب مصر، ووقف معها في حربها ضد العدوان الثلاثي الصهيوصليبي، وكما أبدى الدكتور تأسّفا على نسيان أو تناسي العرب لمثل هذه الأحداث.
ثم تطرّق إلى الزيّارة التّاريخية التي قام بها الفريق (سعد الدين الشاذلي)، رئيس أركان القوّات المصريّة المسلّحة. وقبل أن يتعرّض لأسباب وظروف زيارة الفريق (سعد) للجزائر واستقباله من طرف العقيد (قاصدي مرباح) الذي اصطحبه من أرضية المطار مباشرة في سيارة رسمية إلى مقر الرئاسة أين استقبله الرئيس (بومدين) في مكتبه الخاص… قام فضيلة الدكتور عمّيمور بتوجيه شبه عتاب للفريق (سعد الدّين) على تغاضيه عن قراءة كتاب اللّواء (خالد نزّار)، ليتراجع بعدها ويؤكّد ويقول: إن سيادة الفريق، يقصد (سعد الدين)، على معرفة مسبقة بمحتوى هذا الكتاب وأكثر؟
كأن الجزائريين لا يعرفون شيئا عن هذا اللّواء الذي أردت أن تجعل من كتابه مرجعا لأساتذة التّاريخ يا فضيلة الدكتور المحترم، وهو الذي تسبّب في مآسٍ، لا تزال آثارها إلى اليوم تنخر أكباد الجزائريين بسبب شبق السلطة، وتسبيق مصالحه الخاصّة على مصلحة الوطن العليا!؟
مما لا شكّ فيه أن بعضا من النّخب المثقفة في الجزائر، وربما حتى في غيرها من الدوّل التي رزخت طويلا تحت نير الاحتلال الصهيو غربي، كانوا قد تلقوا تعليمهم في مدارس المحتل البغيض، وتعلّموا لغته بإتقان، وصارت بالنسبة لهم أفضل من لغتهم الأصلية، وتأثّروا بثقافته ونسوا أصولهم.
بعض من هؤلاء النّخب المثقّفين، تتلمذوا في مدارس “الآباء البيض” المبشّرين التي لا يُسمح فيها بتعلّم الأصول. والكثير منهم تعلّموا الدّين في كتب المشعوذين الصفراء.
لذا، لم ولن ينجح العرب في حربهم ضد اليهود الصهاينة؛ الذين هم في هذه الأيّام أكثر تطرّفا من ذي قبل، وقد تلقّوا الضوء الأخضر من الدوّل المطبّعة وحتى التي هي في طريقها للتطبيع، مثل بلاد الحرمين، من أجل إنهاء ما تبقى من تهويد الأرض الفلسطينيّة، بما في ذلك القدس. ويشرعون عمّا قريب في بناء هيكل نبيّهم “المسيخ” المنقذ المزعوم الذي سيعود ليحكم العالم، في إطار حربهم العقائدية التي يقودونها ليس ضد الفلسطينيين فحسب، بل ضد غيرها من حثالة البشر “الچوييم”… ما لم تكن هناك عقيدة سليمة مخالفة للمبادئ التي تدرّبوا عليها يا سيادة الدكتور المحترم.
وقد تأكّد بالتجربة، أن سلاح العقيدة هو أخطر سلاح على وجه الأرض. في وقت تتلقّى فيه الجيوش العربية تكوينها على يد صهيو علمانيين؟
وهذا يعني أن “هذه اللّواءات” أو الألوية، لست أدري كيف أسميهم، أصحاب النياشين البرّاقة، هم بمثابة طابور خامس، و” طروادة”، بالنسبة لهذا الغرب الصهيو علماني ينقضّون من خلالهم على إرادة الشعوب؛ وما الانقلابات التي حدثت؛ سيما في الدول العربية التي تحلم شعوبها بالحرية والديمقراطية؛ سوى دليل على أن الجيوش التي تدرّبت على يد الصّهاينة والعلمانيين لا تنتصر لشعوبها؛ في معاركها ضد الأعداء الفعليين، لأن دورها الحقيقي يتمثّل في ممارسة القهر على هذه شعوبها العزلاء لا أكثر.
والاستشهاد بلواء مثل (خالد نزّار)، وهو في الواقع مجرّد “كابران” بالنسبة للمخابرات الفرنسية، وتم ترقيّته إلى لواء؟، في هذه الآونة هو مطلوب في محكمة الجنايات الدوّلية. بسبب الجرائم التي اقترفها فيما يسمّى بالعشرية السوداء، والتي أنتجت إسلاميين؛ حتى وإن كانوا “راديكاليّين”؛ كما يسمّيهم بعض “الشوفينيّين” من التيّار الفرانكو علماني الشيوعي في الجزائر، فذلك ليس مبررا للانقضاض على إرادة النّاخبين الذين أبدوا رغبتهم وبكل عفوية و أختاروا ممثّليهم الشرعيّين.
وما رأينا هذا يحدث قط، في الدول التي فاز فيها أحزاب أكثر عنصرية و تطرفا من الإسلاميين “الرّاديكاليّين”، ومع ذلك احترم قادتها وساستها وعسكريّوها إرادة شعوبهم.
فمكان هذا اللّواء “الكابران” وأمثاله ممّن انقلبوا على إرادة الشعب يا فضيلة الدكتور في الزنزانة وليس في الفضاءات التنويرية، وشهادته يا معالي الوزير تعتبر لاغية وباطلة: [Nul et non avenu].