أدب

القط الشيرازي

شعر: عبدالناصر عليوي العبيدي

وَيُــحــكى أنَّ قِــطّــاً فــارسيّاً
أتَــى لــلحيّ من شيرازَ مُوفَدْ

لــهُ عــينانِ زرقــاوانِ تَــسْبِي
قــلــوبَ الــمُعْجباتِ إذا تَــنَهَّدْ

وقِــطّتُه الأنــيقةُ كــم تــباهتْ
بــأطواقِ الــلآلئِ والــزَبَرْجَدْ

فأَوغلَ في قِطاطِ الحيِّ ضرباً
وفــي أمــوالِهمْ بــالليلِ عَــرْبَدْ

فــعانى الــحيُّ مــن ظُلمٍ كبيرٍ
وبـــاتَ الــقطُّ دونَ اللهِ يُــعْبَدْ

وصــاروا إنْ يَــمُؤ القِطُّ مَوْءًا
لــفكِّ رمــوزِه الــندواتُ تُعقَدْ

لإظــهارِ الــمقاصدِ والمعاني
بــذاكَ الــقولِ والــفكرِ المُوَقَّدْ

ولــمَّا شــاخَ وانــحَدَرَتْ قواهُ
وكــانَ الــخوفُ عنهمْ قدْ تَبَدّدْ

فــثارَ الــحيُّ مُــنْتفضاً عــليهِ
ومـــن أتــبــاعهِ قِــسْمٌ تَــمرَّدْ

فــأسرعَ لــلكلابِ يــريدُ عوناً
وعــادَ بــجحْفَلٍ كــالليلِ أَسْوَدْ

فــعاثوا فــي الدّيارِ وأَفْسَدُوها
ومــا تركوا بها حجراً مُنَضَّدْ

وقَــتَّلَ كــلَّ مــنتفضٍ خَــؤُونٍ
ومــن وَالَاهُــمُ أضحى مُشَرّدْ

وحــصَّنَ عــرشَهُ بعدَ اهتزازٍ
شــعورُ الخوفِ عنه باتَ أَبْعَدْ

وأصــبحَ يَــنْفِشُ الأَوبَارَ نفشاً
بــأنيابِ الــكلابِ رَغــا وأزْبَدْ

وبَــاتوا أوصِــياءَ عــلى بــنيهِ
ومــن كــلِّ الأمورِ غدا مُجَرَّدْ

وفــي أفــحوصِهِ نامتْ كلابٌ
وصارتْ دونَهُ الأبوابُ تُؤصَدْ

يَــهــزُّ الــذيلَ يــشكرُ مُــنْقذيهِ
وكــانَ عــلى الــمذلّةِ قدْ تَعوَّدْ

وقــالَ بــلهجةٍ فــيها انــكسارٌ
أنــا الــعبدُ الــمطيعُ لكمْ تَوَدَّدْ

مُــرُوا مــا شئتمُ من أيِّ شيءٍ
بــلادي كــلُّها نَــهْبٌ ومَــرْفدْ

فــردَّ الــكلبُ يَــهْزَأُ من عميلٍ
لــقدْ خــانَ الأمــانةَ مــا تَرَدَّدْ

أخَــذْنَا مــا نــشاءُ بــغيرِ إذنٍ
ولا نَــحــتَاجُ قَـــوَّاداً مُــحَــدَّدْ

وجُــودُكَ قَــدْ غَــدا عِبْئاً ثقيلاً
ومــا ظَــنِّي عَــوَاقبَهُ سَــتُحْمَدْ

فَــهَــيَّا لَــمْلِم الأغــراضَ هــيّا
رَحِــيلُكَ بــاتَ مَحْسوماً مُؤَكَّدْ

فَــمَنْ يَــطْردْهُ مــن بيتٍ ذووهُ
بِــلاَ شَــكٍّ من الأغرابِ يُطْرَدْ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى