سياسة

حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بنفسه عبر استراتيجية التحرر الوطني

د.زهير الخويلدي| أكاديمي تونسي

“أن نقول هو أن نفعل والكوجيتو المقاوم هو الأنا الفاعل”

     الوعي الكاذب هو قراءة الأحداث بصورة مقلوبة والوعي الثوري هو قراءة الوقائع وفق الافكار المطابقة لحقيقة ما يجري على الأرض فنحن في زمن الاسترجاع ولافي عصر التبديد والتفويت والتنازل والتطبيع والخضوع والاستسلام.

        أما المواقف السلبية والمشككة والمتغافلة والمكابرة والمزايدة فهي ترجمة لحالة الاغتراب والضياع والتبعيةمن المغلوبين للغالب وممارسة لجلد الذات الحضارية وتقزيم الهوية الذاتية.

     ما تم ترذيله وشيطنته من العدو ليس فقط غزة وفلسطين والعرب والمسلمين ومناصريهم وإنما أيضا كل مقاوم أينما وجد ومهما كان أسلوبه. لكن في المقابل ليس من السهل أن تقوم بتحشيد الناس من أجل المطالبة بالعدل بين الأمم والمساواة بين الدول. إن العمود الفقري للمقاومة الفلسطينية والعربية يتكون من الذين لهم قناعات ثورية وممارسات جذرية وتشبيكات جذمورية ومن يفعل في المقاومة الشعبية هم الابطال الاصفياء للأمة العربية والإسلامية والإنسانية التقدمية. لقد أعادت عملية طوفان الأقصى إلى الواجهة حركة التحرير الوطني العربية لكي تستكمل مهامها المنقوصة.

      قبل 7 أكتوبر 2023 استفحل داء التطبيع حتى وصل المطبخ السياسي العربي. لقد تم استرجاع الشارع من حالةالانبطاح والاستسلام والهزيمة وعادت اليه الروح لكي يخرج القضية الفلسطينية من رفوف كتب التاريخ وتمارس السياسة المحضة على خرائط الدغرافيا خاصة وان المعركة التي تدور رحاها بين النحن والهم مصيرية والأمة تحتاج إلى كل مكوناتها ومن المفيد ترك التناقضات الثانوية والانتباه إلى التناقض الأساسي والجوهري ولذل يجدر الدعوة إلى عقد مؤتمر شعبي تنسيقي للتيارات الأساسية للأمة التي تساند المقاومة الباسلة. لك شيء في هذا العالم ينتظر قم ايها الفلسطيني والعربي والمسلم والانسان التقدمي وقاوم.

    إن التنوير الأصيل هو تحرير الإرادة والعقلانية التواصلية النقدية هي المقاومة الثورية. إن الآخر الغربي حسم المسألة وانتهى به الأمر إلى الانحياز التام وعدم الاعتراف بكم ضمن محور الانسانية ولو تشبهتم له.

    يبدو الراي العام الغربي مصدوما ليس من الرد الفلسطيني المنطقي على جرائم الكيان ضده وانما من تحقيقه للانتصار ونجاح عملية طوفان الاقصى. إن أزمة النظام السياسي الذي يحكم الكيان المزروع تظهر بشكل واضح على الأداء المتخبط للآلة الحربية.

     أما إن الكيان الغاصب في حاجة إلى الدعم العالمي من أجل الرد إو إنه في حاجة إلى شن حرب من أجل الحصول على الدعم العالمي. لم تكن الحرب ليست بين الغرب والاسلام بل هي حرب بين التوحش الصهيوامبريالي والمدنية العربواسلامية. ان الكذب على الذقون ناتج عن خذلان عالمي للحقوق الفلسطينية فمن يوقف هذه العربدة الاسرائلية والتوحش المعولم والهيمنة الامبريالية ويضع حدا لممارسات التطهير العرقي التي تنتهجها الة الحرب الصهيوغربية؟

       ما بين الأنا والىخر وقيعة لا مخرج منها. الإمبراطورية المتهالكة تعد العدة بكل قواها لشن حرب هوجاء على محور المقاومة دفاعا عن الكيان الهجين الذي زرعته الامبريالية الغربية في جسد الأمة العربية والاسلامية لكي يعيقها عن الاستئناف الحضاري والنمو والتوحد والانصهار والتحول الى قوة إقليمية.

   من يصنع المؤامرة العالمية هو عجز التابعين عن سرد قصة حياتهم الملطخة بالعذابات وسبب الهلاك الحتمي للدول هو الكذب على الذات وادعاء التفوق على الشعوب الأخرى. لقد سقط رهان السلام وتبخر حل الدولتين فهذه الأرض لم تعد تتسع لهويتين. لقد عدنا في مستوى التوازن بين القوى إلى ما قبل نكبة 1948.

    لكن العرب أمة مضطهدة وصاروا ظاهرة صوتية ومنذ جدهم يخسرون بالسلام ما يربحونه بالحرب والمسلمون فرقهم التمذهب وغلبهم الروم وفوتوا على أنفسهم عروتهم الوثقى ومنحوا الحضارة لغيرهم. لم يتفق العرب على الا يتفقوا ومنذ ان فقدوا البوصلة اضاعوا كليا وجهة الطريق. يمكن العودة إلى آثار الحرب، وإلى التخلي المتكرر عن الفلسطينيين، وإلى شعور التحيز في مواجهة موقف الغرب.”بالنسبة للغرب، لا يعقل أن يكون للفلسطينيين أيضًا الحق في الدفاع عن أنفسهم”.

   إن الاستعمار اليومي لا يقتصر على الأرض والسماء والسكن والمياه، فهو لايسعى إلى فرض نفسه بقوة السلاح فحسب، بل يعمل أيضًا على العقول، خلف الجبهات. “لقد انتهكت كل الدول دائمًا كل الحقوق. من يمتلك القوة يعتقد انه على حق، بحيث الدول الصغيرة تلتهمها الدول الكبرى.”

   إن “الطريقة الدائمة هي إثبات الحق دائمًا من خلال حقيقة ما يجب أن يكون وهذا ما يسمى الحق العام وهو حق الناس، أو بالأحرى حق العقل”. “يجب على المرء أن يعرف ما يجب أن يكون لكي يحكم بشكل صحيح على ما هو كائن”.

    “الحق السياسي الفلسطيني لم يولد بعد، ومن المفترض عند العدو والاخر الغربي أنه لن يولد أبدا”. لكن يوم العدل على الظالم أشد من يوم الجور على المظلوم والموقف المقاوم لايباع ولا يشترى عند الأفراد ولدى الشعوب والدول ويجب أن تعرف بقضيتك بلغة سهلة حتى تتمكن من ايصالها إلى العالم.

   إحقاقا للحق الكوني فإن صعوبة الأوضاع الحياتية التي يمر بها سكان غزة يتطلب هدنة انسانية وتوزيع الاعانات الحيوية ويبدو أن الاشتباكات ستطول وان المواجهات قد تتمدد وكلما طال الحصار والاعتداء زادت طاقة التحمل والصبر وتضاعفت القدرة على الصمود ولقد تم تعطيل عملية الإمداد وغلق المعابر ولا بديل عن الصوت الداعم ومساندة المقاومة للاستمرار في الصمود والكفاح. بيد أن قصف المستشفيات عبث غير مسبوق بأرواح الأبرياء تمارسه آلة حربية منفلتة من عقالها وبتبرير صهيوغربي امبريالي، فأين حقوق الطفل والمريض والمرأة والطاعن في السن في فلسطين وغزة؟ ومتى يتم معالمة الأسرى وفق ايتيقا الحرب؟

    لقد عاشت غزة الأبية ليال صعبة اخرى من القصف المدمر وكانت أطنان القنابل بردا وسلاما للغزاويين المرابطين.

    ما ينتظر الأصدقاء حتى يقدموا يدي العون للفلسطينيين. مع فلسطين وغزة ليست هناك مصالح انما الالتزام بالمبادىء. مستشفيات غزة في حاجة ماسة إلى الوقود والطاقة والكهرباء لكي تعود من جديد وينبغي أن تكون الامدادات والمساعدات للاشقاء في شكل أدوية وقواريرمياه وفي مرحلة موالية الأغذية والملابس. المطلوب تفعيل الانتفاضة والرجوع الى المقاطعة والانخراط في الممانعة. من هذا المنظور أن نتفلسف هو أن نقاوم وان نقاوم هو أن نحرر الحياة حيثما كانت محبوسة. لقد عجزت الأنظمة السياسية التي اجتمعت في العديد من المرات برعاية دولية في إيجاد مخرج عادل للمازق الإنساني.

    ورغم قتامة الوضع الانساني في قطاع غزة فإن المقاومة صامدة وتعد بالانتصار. ان التعويل على الذات في زمن المعارك أفضل بكثير من التعويل على الغير حتى وان ادعى المساندة والمؤازرة. ولا يجدر تبني خيار المقاومة بسياسة ليبرالية وثقافة مخترقة وتعليم بنكي واقتصاد تابع ومجتمع منحط وفلسفة مقاولات ودين لايت وفن تافه وأخلاق شكلية.

      “وفجأة، أصبح كل من على اليسار يتحدث عن المقاومة. وهذا شيء ينبغي لنا أن نحتفل به، مع الاعتراف بأنه ليس سوى نصف سياسة.

     لكن”من أجل تأسيس مقاومة مضادة لهيمنة رأس المال العالمي، يتعين علينا أن نبني كتلة تاريخية جديدة تجمع بين أهداف التحرر من الاستعمار واحراز السيادة والحماية الاجتماعية للمواطنين من الاستغلال”.

    إن المقاومة الفلسطينية حطمت واجهة “التهدئة”.على المثقف المقاوم أن يمارس دوره الطليعي في التحريض. لانه لا تهجير لباق ولا فناء لمقاوم والبقاءللغزاويين والفناء للمحتلين. في الختام المجد والخلود للغزاويين الأبطال والعزة والانتصار للفلسطينيين الأحرار. فهل هناك أيديولوجية فلسطينية للمقاومة؟ وهل تؤثر حركة المقاومة التي يشارك فيها عدد كبير من الفلسطينيين على مصير الشرق الأوسط والعالم؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى