فكر

وقتية الوجود وعبثية المكنون

بقلم الكاتبة: معالي التميمي | العراق

قَدْ تَسْتَدِلُ إلى حَقِيْقَةٍ مَاْ مِنَ الْمَنْظُورِ فِي الأَوْسَاطِ  أَوَ رُبَمَا مِنَ المَسْطُورِ عَلَى الأَوْرَاقِ إلا أنَّ هُنَالِكَ دَائِمَاً حَقِيقَةٌ صَمَّاءُ تَرْوِي ذَاْتَهَا، لكِنَّمَاْ يَظَلُّ يَنْكُرُهَا العَيَان خَوفَاً عَلَى زُجَاجِ الْوَهَمِ أنَّ يَتَحَطَمَ، هَكَذَا كَانَتْ السِيرَةُ الأُولَى وَكَذَا اسْتَمَرَتْ الأحْوَالِ.

إِذْ مُنْذُ سَاْلِفِ العَصْرِ و البَشَرُ لَا يَقْبَلُوْنَ أَوْ يَتَقَبَلُوْنَ الفَوَاْرِقِ فِيْمَاْ بَيْنَهُمُ وَتِلْكَ كَاْنَتْ المَأْسَاْةُ الكُبُرَى التِي طَوَقَتْ الْشُعُوْبُ بِقَيْدٍ قَاْتِمٍ أَرْهَقَ العُقُوْلَ وأَزْهَقَ القَلُوْبَ، وَحَثَ الإِنْسَاْنَ عَلَى السَفْكِ بِشَتَى الطُرُقِ؛ فَقَدْ كَاْنَ الإَخْتِلَاْفُ سَبَّبُ أَوَلِ جِنَاْيَةٍ فِي التَاْرِيْخِ وَ أَوَلُ بَوَاْبَةٍ لِلْشَرُوْرِ التِي مَاْ عَاْدَ بِالإِمْكَاْنِ غَلْقُهَاْ بَعْدَمَا زَادَ اتِسَاْعُهَا حَتَى احتَضَنَتْ مُعضَمَ النَاْسِ مُعَزِزَةً فِيْهُمُ فَوْضَى العَوَاطِفِ المَقْتُوْلَةِ وَ عَبَثِيَةُ الأَفكَاِرِ المَجْنُوْنَةِ. اليَوْمُ لَاْ شَيْءَ كَالسَاْبِقِ إِلَاْ إِنَّ الإِنْسَاْنَ مَا يزَاْلُ كَأَوَلِ إِنْسَاْنٍ خُلِقَ بِذَاْتِ الغَرَائِزِ والشَمَاْئِلِ المَيَّاْلَةِ لِلْوَحْشِيَةِ رُغْمَ أَنَّ القَوَاْعِدَ المُجْتَمَعِيَةِ وَ الدِيْنِيَةِ حَدَدَتْ الإِنْسَاْنَ فِي غَاْلَبٍ ضَيْقٍ لَكِنَهُ بَعْدَمَاْ اعْتَاْدَهَاْ صَاْغَ مِنْهَاْ قَوَاْنِيْنَهُ الخَاْصَةِ التِي تَخْدِمُ تِلْكَ الهَمَجِيَةِ فِيْهِ وَ تُعَظِمُهَاْ.
مِنَّ العَجَاْئِبِ والعَجَاْئِبِ جَمَّةٌ أَنَّ الإِنْسَ يَهْدَرُوْنَ أَيَّاْمَهُمُ المَحْدُوْدَةِ عَلَى زَيْفِ الأُمُوْرِ وَ سَيِّئِهَاْ، إِذْ الخَاْلِقُ جَلَّ جَلَاْلِهُ أَهْدَاْهُمْ بِضْعَ أَيَّامٍ قَدْ تَطُوْلُ أَوْ تَقْصِرُ كِي يَعِيْشُوْهَا كَيْفَمَاْ شَاْءُوا لَكِنَّهُمْ عِوَضًا عَنْ ذَلِكَ يَسْتِعْمِلُوْنَهَا فِي مُرَاْغَبَةِ الآخَرِيْنَ وِ أَذِيَتَهِمْ وَكَأَنَّهُم وِجِدُوْا فِي الأَرْضِ كَنِيْرَانٍ حَاْرِقَةٍ تُنْهِي الأَشْيَاْءَ وَهِي التِي انْتَهَتْ مُنْذُ خَلْقِهَاْ. مَاْ ضَرَّ لَو أنَّهُمْ بِحَاْرٌ وقَاْصُوا فِي أَعْمَاقِهِمُ، تَنَعَمُوا بالجَوَاْهِرِ والكُنُوْزِ، وَعَاْشُوْا لِذَوَاْتِهِمْ بَدَلَ الإِشْتِغَاْلِ بِالآخَرَيْنَ. وَأخِيْرًا مَنْ تَفَكَرَ فِي سَرَاْئِرِهِ عَلِمَ إِنَمَا سَبَبُ شَقَاْئِهِ نَفْسُهُ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى