آنّا كارينينا
جودت هوشيار| كوردستان العراق
كلما ضقت ذرعا بالروايات السمينة المترهلة، التي تدخل في باب الـ”غرافومانيا” الجأ الى قراءة الروايات الكلاسيكية، التي اجتازت امتحان الزمن، وظلت شامخة الى يومنا هذا، وفي مقدمتها رواية “آنّا كارينينا” لليف تولستوي، لا أدري على وجه التحديد كم مرة قرأت هذه الرواية العظيمة ؟ في المرة الأولى – وكان ذلك منذ سنوات طويلة – قرأتها بمتعة ذهنية وروحية لا توصف . وفي المرات اللاحقة كنت أتأمل معمار الرواية، وكيف كتبت، وكيف تسنى لرجل (تولستوي) أن يعبر بعمق وقوة عن أدق أحاسيس ومشاعر وافكار أمرأة شابة تنوي الإنتحار؟، وهي بطلة الرواية “آنّا كارينينا”؛ لأن ثمة اختلافات هائلة بين طبيعة المرأة وطبيعة الرجل. هذا واقع لا ينكره الا من لا يميّز بين الطبيعتين .
آنا كارينينا من ألمع الشخصيات الأنثوية في الأدب العالمي وأكثرها عمقا وتألقا. كتب تولستوي هذه الرواية بين عامي (1873- 1877) ونشرت لأول مرة على حلقات بين عامي ( 1877-1875) في مجلة “روسكي فيستنيك” المرموقة، واحدثت ضجة هائلة، وأشاد بها أشهر الكتّاب الروس وفي مقدمتهم فيودور دوستويفسكي، الذي وصف تولستوي بـ(إله الفن). ثم نشرت في كتاب من جزئين، وترجمت الى حوالي 45 لغة أكثر من مرة. ترجمت الى الإنجليزية أربع مرات والى الألمانية ثلاث مرات. وبلغ عدد طبعات الرواية في شتى بلاد العالم أكثر من (700) طبعة. وأخرجت سينمائيا ومسرحيا وتلفزيونيا عشرات المرات في روسيا وألمانيا وفرنسا وايطليا وأميركا. كما حولت الى باليهات واوبريتات. ومن الطريف أن نذكر ان ابنة آنّا من عشيقها فرونسكي أصبحت الشخصية الرئيسية لعدد من الروايات الحديثة.. كتبت عن “آنّا كارينينا” العديد من الأطروحات العلمية والدراسات، ناهيك عن المقالات النقدية التي لا تعد ولا تحصى لكثرتها
لا تضيّعوا وقتكم الثمين في قراءة الروايات البدينة المترهلة، بل ارجعوا الى الكلاسيكيات فهي منبع الفن الأصيل.