مراوحا على رصيف الحياة
طاهر مهدي الهاشمي | العراق
كل صباح …
بعد أن أنسل من سوداوية الكوابيس التي تجثم على صدر تحملي ..تتبادر إلى مخيلتي الصور الدموية لذلك الربيع العبري الممسوس بلوثة الاستيلاء والجشع وكل مافي الغاب من وحشية ومكر …
وقد تراءت في تلك الصور الشائهة مشاهد اصطبغت بكل الألوان الممجوجة وقد صب المنتقم الجبار غضبه أمطارا من حمم ونيران ، على كل من خالف الشرائع السماوية وما جاء به الرسل والأنبياء لخير البشرية والانتقال بها من الوحشية إلى الإنسانية .
لقد أصبح الإنسان قطعا نادرا في متلازمة الدم والمال .
حيث الابن يأكل لحم أبيه والأخ يشرب من دم أخيه ، وحيث البشر في جريها وراء مطامعها مستهدفة منافع ومكتسبات آيلة للزوال ، تخرج عن القيم والمبادئ وترتد إلى عصور ماقبل التاريخ ، مستنزفة ذاتها ، غير آبهة لتحولها الرهيب في مشاعرها وسلوكها من بشر إلى حجر يشج ويجرح ويميت .
جارفة معها الطيب والخير والجميل …فغدا العنبر غازا ساما والورد كرات دموية مفزعة ، وأصبح طلع النخيل والقداح والياسمين أكفانا لابدة قيد التسديد .
لا شاخة لا ساقية لا نهر لا بحر …. لا ماء. ..
فقد جفت الرحمة من القلوب وسعت الشمس إلى غير مستقر لها ، وأصبح القمر ( كالعرجون القديم) ، وخيم على الكون ضرب من السواد العقيم مضرجا بالدم ومخفورا بالسلاح ؛ ولم يبق فيه متسع لعيش كريم .