مقال

نضج غير مكتمل

المرحلة الانتقالية بين الطفولة والمراهقة

ظهير طريف فالح| العراق

أتحدث عن السنوات التي تقع بين سن 9 و11 عامًا، هذه الفترة ليست مجرد محطة زمنية لان هذه مرحلة تشهد فيها حياة الطفل تحولات، نلاحظ ان الطفل الذي كان يعتمد على والديه في كل شيء يبدأ فجأة في البحث عن ذاته ، هذا التحول ليس سهلًا لا على الطفل ولا على الأهل .

هنالك اعتقاد بان الطفل ينتقل مباشرة من الطفولة إلى المراهقة يحتاج إلى إعادة نظر فالانتقال المفاجئ من براءة الطفولة إلى تعقيدات المراهقة يخلق فجوة كبيرة في فهم و تشخيص اغلب السلوكيات السلبية .للأسف، هذه المرحلة الانتقالية التي تمتد من سن 9 إلى 11 عامًا لم تلقَ الاهتمام الكافي من قبل علماء النفس مما جعل الكثير من الأهل غير مدركين لأهميتها ، فيتعاملون مع أبنائهم بنفس الطريقة التي كانوا يتعاملون بها عندما كانوا صغارًا غير مدركين أن الطفل الآن في خضم عملية تغيير نفسي وعقلي كبير .والنتيجة؟ فجوة تتسع يومًا بعد يوم بين احتياجات الطفل وما يحصل عليه من توجيه فالطفل في هذه السن يحتاج إلى مساحة أكبر ليعبر عن نفسه ليشعر بالاستقلالية ، لكنه يجد نفسه محاصرًا بأساليب متبعه معه منذ صغره لا تواكبتطلعاته الآنيه . ونلاحظ في أغلب الحالات الطفل في هذه المرحلة يكون غير متوازن و متشتت نفسيا، والسبب يكمن بأن الطفل يشعر بالنضج من داخله و في الوقت ذاته يرى الجميع يتعامل معه بأسلوب طفولي ، فيتولد صراع نفسي داخلي نتيجة عدم تقدير نضجه .

أكد عالم النفس [Jean Piaget]  في كتاب [The Construction of Reality in the Child (1954)] أن الطفل في هذه المرحلة يبدأ في تطور تفكري أكثر تعقيدًا لذا فهو قادر على فهم الأمور بشكل أعمق و يحتاجون جميع الاطفال إلى أن يُعاملوا على هذا الأساس . إن استمرار الأهل في استخدام نفس الأساليب القديمة تهدم مراحل تطور هوية الطفل بشكل يؤثر على مستقبله، [Erik H. Erikson ] عالم النفس اهتم بتطور الهوية أكد في كتاب [Identity :Youth and Crisis (1968)]أن الفشل في بناء هوية قوية في هذه المرحلة يولد ارتباك يستمر حتى مرحلة البلوغ.

المطلوب من الأهل في هذه المرحلة أن يغيروا نهجهم بالتعامل لان الطفل الذي كان يقبل بالقواعد دون سؤال أصبح يريد أن يفهم “لماذا” قبل أن يقبل، إذا لم يجد التعامل المناسب يلتجئ إلى اظهار سلوكيات مثل العناد، ليست لأنها جزء من طبيعته بل لأنها تعبير عن اختناقه وشعوره بعدم الفهم . وإن التعامل الصحيح مع هذه المرحلة ليس مجرد واجب بل هو الأساس الذي سيبني عليه الطفل شخصيته المستقبلية ، الطفل في هذه المرحلة بحاجة إلى من يتفهم تغير احتياجاته و من يدعمه في بحثه عن هويته

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى