مقال

قلبي يتحدث قبلي

ظهير طريف فالح| العراق

        علم النفس الإدراكي يصنف الكلام إلى قسمين (كلام عفوي و كلام مدروس)، وهذا التصنيف في ظاهره منطقي وسهل الفهم لكن تصنيف الكلام إلى عفوي ومدروس هو تبسيط مخلّ لطبيعة التواصل البشري.
ونتساءل هنا: هل توجد كلمة عفوية تماما؟!
معظم علماء النفس يعتقدون بأنّ الكلام العفوي قد يكون ناتج عن صراعات أو محفزات نفسية، و يعني ذلك أن المتحدث قد لايدرك بوعي كامل الأسباب التي دفعته لقول الشيء، ولكنه يعبر عن احتياجاته أومشاعره الداخلية. فكيف نصنف الكلام بأنه عفوي وهو في الحقيقة نتيجة لتركيبة نفسية معقدة؟ فإن العفوية نفسها قد تكون تعبير عن شيء مخفي في العقل.
من زاوية أخرى يمكننا أيضا أن نتساءل عما إذا كان هناك شيء يسمى (كلام مدروس) بالمعنى الدقيق؟ في الكثير من الاحيان يكون الكلام الذي نعتبره مدروسا هو في الواقع مجرد عملية تكرار أفكار أو توقعات سابقة ناتجة عن المجتمع أو التربية، إذاً حتى الكلام المدروس قد يكون مجرد رد فعل مشروط أو محسوب.
الكلام سواء كان عفوي أو مدروس يترك نفس الأثر على المتلقي، فلا يهم إن كنت قد نطقت بكلمة في لحظة غضب (عفوية) أو كنت قد فكرت فيها مسبقا (مدروسة) فلماذا نُصنف الكلام بناء على نية المتحدث بينما التأثير الفعلي لا يختلف؟ هذا التصنيف يتجاهل التأثير فالمتلقي لا يفرق بين العفوية والتخطيط.
إنّ تصنيف الكلام بناء على نية المتحدث يعتبر إهمالا لجانب مهم من السلوك البشري وهو أن الكلام ليس مجرد عملية بسيطة تصدر عن العقل الواعي بل هو مرآة لصراعات داخلية قد لايدركها المتحدث، فلا يمكننا الاكتفاء بتصنيف سطحي يركز على النية المتكلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى