أحسنوا استخدام نعم الله!!
د. أحمد الطباخ
يأتي الشتاء فيكون الخير الذي ينتظره الناس من العام للعام ، لأنه يأتي بالخيرات ولذلك احتفى العرب قديما بالمطر وسموه أسماء عديدة لمكانته وأهميته لا سيما وبيئتهم كانت صحراوية تعتمد على قطرات ماء النازل من السماء فمنه يشربون ويزرعون ويسقون أنعامهم وشياههم التي ترعى الكلأ بل إن المعارك والحروب كانت تنشأ بينهم بسبب الماء الذي جعله الله سر الحياة فقال الله تعالى :”وجعلنا من الماء كل شيء حي”.
كانت الحياة وعرة بل شديدة الوعورة بسبب قلة الماء بل ندرته فلم تكن في الجزيرة العربية أنهار ولا آبار وإنما مصدرهم الأوحد هو المطر الذي هو نعمة الله لخلقه لذلك أخذ المطر مساحة كبيرة من اهتمام الشعراء وصفا وتشبيها ومدحا فكانوا به فرحين ولسقوطه منتشين.
وقد جاء ذكره في القرآن الكريم فسماه مرة غيثا ووسمه بالماء المبارك الذي نزل برحمة الله ليغيث الناس بعد أن قنطوا لعدم نزوله وعندما كان يستبطئون نزوله كانوا يجأرون إلى الله بالدعاء والتوبة الصادقة ليرضى الله عنهم ولذلك شرع ديننا في سنة نبينا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم صلاة الاستسقاء.
والمطر يذكرنا برحمة الله على عباده حيث يخرج به من كل الثمرات الذي يذكرنا به بذلك الإخراج الذي يحيي الموتى فقد سأل صحابي رسول الله فقال :كيف يعيد الله الخلق وما آية ذلك في خلقه ؟
قال صلى الله عليه وسلم : أما مررت بوادي قومك جذبا ثم مررت به يهتز خضرا
قال :نعم ، قال صلى الله عليه وسلم : فتلك آية الله في خلقه.
ويكون إحياء الخلق من قبورهم بمطر يبعثه الله على قبورهم فتنشق عنهم القبور ثم تعود إليهم الأرواح ففي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم “ثم يرسل الله أو قال ينزل الله مطرا كأنه الطل فتنبت منه أجساد الناس ثم يقال :يأيها الناس هلموا إلى ربكم وقفوهم إنهم مسئولون.
إن المطر خير للأرض من رب العالمين ولكن الناس لم يحسنوا استخدامه واستغلاله ولو أنهم استغلوه لتغير حالهم ولما نقص طعامهم وغلالهم وشرابهم ولكنهم لما عطلوا شريعة الله لم يوفقهم الله في استغلال ذلك المورد المبارك الذي كله خير لهم وفيه الغنى عن طلب القروض والمنح من أراذل الدول وانحرفوا إلى الديون والربا وصار الفقر في كل مناحي حياتهم لأنهم نسوا الغني الذي عنده خزائن السموات والأرض فهو الغني الحميد الفعال لما يريد الذي أمره بين الكاف والنون فهل سنعود إلى الغني القادر الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا ونشر رحمته.