من يشتري من بائع الآمال هم

شعر: طارق المأمون محمد | السودان
دَمْعُ القصيدِ إذا تَدفقَ لا يُزَمْ
ما كُلُ دمعٍ سالَ نَمّ عنِ الألَمْ
ما كلُ آهٍ في البيانِ إذا ندَتْ
فاضَتْ لها الآماقُ من فعلِ القلمْ
ما كلُ رقصٍ في غوايةِ ماجنٍ
قد هيجَ المَعنى لدى عَزفِ النغَمْ
ما كلُ مَن هزّ الحُسامَ بفارسٍ
ما قيلَ فَحلٌ كلُ مَنْ قيلَ احتلَمْ
لوعاتُ مرتادِ القصيدِ بعشقِهِ
ماتتْ لواعجُها لدى فاهٍ نَظَمْ
سِحرُ المعاني ليسَ في أفكارِها
بلْ في جمالِ قوامِها لمّا انتظَمْ
دَمعٌ تناثرَ في الليالي ما انْبَرَى
نَجمٌ تَلأْلأَ في مَدارٍ أو سَدَم
يشْري الهُمومَ ببعضِ آمالٍ ذوتْ
مَنْ يَشتَرِي مِنْ بائعِ الآمالِ هَمْ
ما بالُنا في كلِّ ناحيةٍ لنا
قَصرٌ مَشيدٌ مِن جلالٍ انهَدَمْ
أو كَعْبَةٌ طافَ الجَمالُ بِطُهرِها
يوماً تَعَهّدَها على غَدرٍ صَنمْ
بِئرٌ هديرُ مِياهِها إذ عُطِّلَتْ
يَرْوِي الوَرُودَ وماؤُها لم يُلْتَهَمْ
ظَنُّوا الحَضارةَ في شَواهِقِ دُورِهِمْ
إنَّ الحَضارةَ في شَوَائقِ ما لَهُمْ
نبكي لقِيسٍ والجنونُ لباسُهُ
وجُنونُ روميو ما لهُ فينا عَشَمْ
هم قَوّضُوا المَعنَى الذي يَبْنِي النُّهَى
مَنْ للحِجى بَعدَ المَعاني والحِكَمْ
لا الحَرفُ حَرفُ بيانِه في بُهْرِهِ
لا الدَّرُ دَرُّ دَرِيرِه لمّا شَهَمْ
جَالوا بأفكارٍ لَهُمْ في كَوْنِهِ
واستنبطوا أنّ الوُجودَ هُوَ العَدَمْ
قدْ أبصَرَ القالونَ بُهرُجَ غَيرِها
في غَيْهَبِ المَعْنَى وأوْهامِ الفَهَمْ
عَوْدُ الخليل على بعيرِ بدِيعِهِ
أرْجَى لأهلِ الضادِ مِن بغلِ العَجَمْ
أجْريتُ هذا الفِكرَ لا مُسْتغنِياً
عن ثورةِ الحاسوبِ في تِلكَ الأمَمْ
ورأيتُ أجرامُ السماءِ تبرّجتْ
لمّا جَرَى في قُربِها مِنهُم جُرُمْ
لكنَّهُ العِلمُ الذي فَتَقَ النّوَى
في ذرةٍ صَمّاءَ في قَعْرِ الظُلَمْ
واستكرَهَ الكَهروبَ في نَزَوَاتِهِ
واستكْنَهَ المِكْروبَ عَنْ سِرِّ الألَمْ
بنتَ اللسانِ وأختَ رباتِ الكرمْ
أحييتُ ليليَ والهوَى بيتْ التُّهمْ
مضمارُ هذا الشِعْرِ حين تَحُفُّهُ
مِن رَوْعةِ الَمعنى أفاعيلٌ وهَمْ
ينداحُ في أرضٍ عَباقِرُها
لَهمْ أطٌّ وأزٌّ ثُمّ هَزٌ بلْ وزَمْ
لهُمُ النّفائسُ والعرائسُ والعُلا
وكَذا الخَسائسُ والدَّسائسُ والتُّهَمْ
تَجْري الخُيولُ بهمْ كأنّ رهانَها
ألاّ يقَرُّ لها على وادٍ قَدَمْ
الراكبونَ سَفائنَ المَعنَى التي
لا يَستقرُّ بِها على حالٍ وَهَمْ
اللاهِبونَ ظُهورِ ربّاتِ الحِجَى
بِسياطِ أحْلامٍ تَغَشّاها الكَلَمْ
لكنّهُ الشّعرُ الذي حَجبَ النّهَى
لمّا استباحَ بِسِحرِهِ ما يُحترَمْ


