الزواج أكبر السرقات خطورة

أماني الحسين | سوريا

“بتعرفي يا خالة لهلق بس يفتح معي حديث ويكلمني ابو ولادي، ألاقي حالي طايرة بين النجوم، أو يسمعني وما يهزأ بي، أفرح وأحس إني موجودة ولي قيمتي، وهذا قليل ما يحصل، عشت معاه ٤٢ سنة، هوي ساكت، أعرف إنه يفكر ويحلم، وأنا أسأل حالي ليش ما يحدثني، وليش تزوجني إذ ما يرغب يكلمني، وما عاد ينفع الندم ولا أعاتب أهلي، هذا نصيب يما، وهذا حالي معاه وحالو مع ولادو برضو، واحنا ننتظر الناس يجينه عشان نسمع حديثه، هو يحب الناس، كلامه جميل ومقنع، وكان كل حلمي يناقشني مثل هالناس، وأنا اقتنع بسرعة، وهسا لقيت حالي كبرت وعمري انسرق بهالحلم. وهوي كبر وصار بس يسألني ناقصنا لبن، لا تنسي الضو، حال كل زلمة عجوز. وانا راح الحلم وراح العمر، هوي حرامي يما، حرامي مقنع، سرقني بحلاوة الانتظار، يمكن أنا قليلة يما، وسرق عمر ولادو وهمّا ينتظرون كلمة منه ومعلومة تفيدهم، ومين يوخذ حقنا وإحنا اللي كنا ننتظر وهوي في عالم غير عالمنا”

من يبرر سرقة احترافية شرعية تحت إطار عقد الزواج، وهي أشدها خطورة، لعدم قدرتك على استرجاع الوقت (وليت الشباب يعود يوماً) الذي ذهب دون أن تشعر وأنت تُجلد برحمة محبيك، ولكن أقول: السرقة بكافة أشكالها غير مبررة.

ومن السرقات أيضاً، من يتزوج كبير في السن إن كان رجلاً مسناً وتزوج شابة أو في العكس، وإذا نظرنا إليها كمعادلة: الشباب لا يثمّن، الرابح هنا المتقدم في العمر، الشباب أغلى من المال، وهو ظاهرة كثيرة في المجتمع العربي، خاصة من نسائنا اللواتي يتزوجن لأجل السترة، إعالة الكبير مقابل حفظ كرامتها فيما بعد وستر حالها، لتجنب طلب المساعدة من الأهل فيما بعد. والشاب الذي يتزوج من امرأة كبيرة من أجل تحقيق أحلامه ولو في جزء بسيط منها. لصعوبة الحال وظروف البلدان، وخاصة ما تمرق فيها من الحرب والوباء.  ولكن في آخر المطاف التهمة ستطلق على الطرفين، فكل منهما سارق.

سرقة المال وسرقة الشباب في ظل موافقة شرعية ومحمية من المجتمع.

وبعدها ما ينتج من عواقب سلبية على الأطفال، يكبرون مع أب أو أم مسنة، والاضطرار إلى إعالتهم، وما يسود من أجواء المرض والاكتئاب في البيت، فتسرق أيامهم الفتية أمام حقيقة لا مهرب منها، أمام تساؤلات لا ذنب لهم فيها.

إلى متى نغمض أعيننا أمام هذا الانهيار الأخلاقي ونقول لنغفر هذا الخطأ الجسيم: إنها حرية شخصية. وكأننا لا نعترف في هذا الحق إلا لنبرر ما آلت حالنا إليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى