إلى الفاشر الممهور بالمجد

شعر: طارق المأمون | السودان
يئستُ وبعضُ اليأسِ بالنفسِ أرفقُ
وعدتُ وبعضُ العودِ بالحُرِ أليَقُ
و كنتُ أخا حِلمٍ أرى الخيرَ يُبتغَى
فصرتُ أخا حُنقٍ وذو الحلمِ يَحنقُ
وحُلمُ فؤادي كان و الليلُ حالكٌ
بضحكةِ طفلٍ في دجَى الليلِ تبرقُ
و دعوةُ أمٍ يلحقُ الفيضُ بابنها
يكابدُ أمرا مِن حَواشيهِ يُرزقُ
و فرحةُ فرخٍ مِن جَنَى الطيرِ فوقَهُ
جناحُ رؤومٍ بالملذاتِ يغدقُ
و نشوةُ زرعٍ قد سقِى اللهُ عرقَهُ
بِجدِ مُجدٍ يُصلحُ الارضَ يعزقُ
ورقصةُ سربٍ مِن غزالٍ و جؤذرٍ
وسربُ حمامٍ فوقَهم قد تحلقوا
وكفُ محبٍ اذْ يلاقيك بشرُهُ
تطايرَ حملٌ مِن ذوي الهمِ مُرهقُ
وبيعةُ سوقٍ قد تلاحى صحابُها
فأصلحَ داعٍ بينهم إذ تفرقوا
فصرتُ وكلّي عزمَةٌ أنْ أرى الذي
سعى البغيَ دوماً في مساعيهِ يُحرَقُ
يُنكِّلُ فيه الحيَّ بالبؤسِ فألُهُ
فلا هو في خيرٍ ولا الفألُ مشرقُ
يُفزِّع عنه النومَ ما حانَ صرخةٌ
بكاءُ صغيرٍ صاحَ و الأمُ تُشنقُ
فلا هو في نومٍ اذا النومُ راحةٌ
ولا هو في سعيٍ اذا السعيُ مُغدِقُ
يُفتِّقُ فيه الجُرحَ جرحٌ أمَرّهُ
على جسدٍ ملقىً به القلبُ يخفقُ
و يوطأ منه القلب رعب مزلزلٌ
كما رُوّعَ الآلافَ والقصفُ يَفلقُ
و يهصرُه سيلٌ من الآهِ دافقٌ
فلا هُو في الأحْيا ولا الروحُ تمرقُ
دعوتُ ونارُ الحربِ زغباءُ غَرةٌ
الى جبلٍ راقيهِ بالسلمِ يُرتقُ
و كنتُ اذا ما الناسُ بالموتِ رووعوا
أُحاذرُ موتاٍ ثَمَ مِن بعدُ يلحقُ
و قلتُ لأهلِ اللهِ واللهُ شاهدٌ
لميثاقِ حبلِ الله نادوا و أوثقوا
وقلتُ لأهلِ الحلِ والعقِد فيهمُ
أميطوا لثامَ الشحِ و المقتِ تلتقوا
و قلتُ لمَن بالعلمِ قدْ بزّ صحبهُ
جهلتَ اذا ما لاذَ بالصمتِ منطقُ
ولو أغمضَ السيفانِ عن بعضِ لقمةٍ
بفيهِ أخيهِ الآنَ ناموا و أعمقوا
و بينهما الاسلامُ للصلحِ قد دعا
و بينهما الأرحامُ و النيلُ يَدفقُ
وبينهما ماضٍ من العيشِ مورقٌ
فليتهما لانا عسى العيشُ يورقُ
لنا قدمٌ في الصلحِ ماضيه مشرقٌ
فما ضرّهم لو أنّ حاليهِ مُغدقُ
تداخلَ شيطانٌ فأذكَى مناجشاً
و ناجشَ شيطانٌ فأرخى مشوقُ
ألى فاشر الممهور ِ بالمجدِ عهدُها
وعهد جميع الناسِ بالأرضٍ مُلصقُ
ولو خُيّرَ الامواتُ من بعدِ فوتِهمْ
الى الخيرِ و الرضوانِ في الأرضِ ما بَقُوا
و لكنّ عيشَ الناسِ بالناسِ هائمٌ
و آمالُنا القعساءُ تعلو و تشهقُ
وما أدركَ الماضون في العيشِ غايةً
و لو أدركَ الباقون من بعدُ ما شَقوا
أما فاض منك الصبر مجرى ومنبعا
يقالُ لأهلِ الصبرِ ذا الصبرُ فاستقوا
كتابُكِ باسمِ المجدِ للمجدِ مَعلمٌ
يُقالُ لباغي المجْدِ ذا المجدُ فارتقوا
ردَدتِ مِن الغاراتِ سبعين غارةً
تضافُ الى مئتي هيجاءِ تترى و تصفقُ
و حَقِكِ ليس الثأرُ بالثأرِ يُشتفَى
ولم يُرجعِ الامواتَ للعيشِ مُحنقُ
ولو أنّ زهقَ الروحِ يبني مهدّماً
لقلتُ لأهلِ البأسِ بيدو وأهرقوا
سنطردُ محتلاٌ و نقتلُ من بغى
و نثأرُ للمغدورِ و العدلُ يسبقُ
تدافعَ مغبونٌ و ثار مجاهدٌ
و يتبعُ جيشَ النصرِ والحسمِ فيلقُ




