عبد الصمد الصغير| المغرب
يا صاحبي !……
أيها الممتعض من الاختلاف ، والمستمسك برأيه معتقدا فيه الحقيقة وما دونها الهراء.
يا من لا يرى غير ظله وأشباهه ، ويعتبر مخالفه عدوا. يا من يعتقد نفسه مالكا بناصية الحق وغير حقيقته الباطل. يامن يسعد بالنفاق والمجاملة ويغضب ممن يواجهه بحقيقة غير التي يعتقد…
ليس ضروريا أن نتفق لكن من الضروري أن يحترم كل منا رأي الآخر مهما اختلفنا، فأنا لستُ أنت وأنت لستَ أنا … وليس شرطاً أن تقتنع بما أقتنع به ، وليس من الضرورة أن ترى ما أرى، لأن الاختلاف شيء طبيعي في الحياة وضروري لتطورها ونمائها وازدهارها.. ولا أحد منا يستطيع أن يرى هذه الحياة من جوانبها كلها وفي كل أبعادها …
لعل معرفة الناس تكون من أجل التعايش مع الآخرين وفهم ما يريدون ، وكيف وفيم يفكرون، وليس من أجل تغييرهم أو استمالتهم إلى حيث نفكر نحن ، والحقيقة أن الاختلاف بين الناس في التفكير وفي نمط الحياة أمر إيجابي وتكاملي …
ولعل ما تصلح له أنت قد لا أصلح له أنا والعكس صحيح.. ولا شيء يغير من أفكار الناس ومواقفهم غير المواقف والأحداث التي يمرون بها في حياتهم، وفهم الآخر لا يعني بالضرورة الاقتتناع بما يقول، أو الإعتقاد فيه ، أو التنازل عن قناعاتنا واعتقاداتنا المتخالفة.. والحوار غايته القصوى هي الإقناع لا للإلزام
من المهم أن نساعد بعضنا في توضيح آرائنا وأن لا نقف عند ألفاظ بعينها ونفهم مقاصد بعضنا البعض، وألا نحكم على لفظ أو سلوك عابرين ، ونجتنب تصيد عثرات بعضنا البعض ، فلا نمارس على بعضنا دور الأستاذ والمعلم والموجه ، فلا أحد يملك الحقيقة لأن الحوار من يتكفل بالبحث عنها …
يجدر بنا أن نتفاعل مع المختلَف فيه، وليس المتفق عليه، فلا نتطرف إلى النقد الجاف اللاذع ولا نتورط في المجاملات الكاذبة الفارغة …
إن اختلاف الأشكال والألوان من يُعطي الجمال للطبيعة الربانية واللوحة التشكيلية التي يبدعها أي فنان …
نفع اليدين وفاعليتهما تكمن باختلافهما وتقابلهما ، واليد الواحدة لا تصفق ، وحياتنا قائمة على الثنائية والزوجية …
كل واحد منا مهما علا أو سفل يعتبر جزءا من منظومة الحياة
ولو أن الناس بفكر واحد لتوقف الابتكار ومات الإبداع … ولعل كثرة الضوابط واللزوميات تشل حركة الإنسان وتكلس العقل …
البشر بطبعه يحتاج التقدير من بعضه البعض والتحفيز والشكر والثناء ، وعدم التبخس أو التقليل من شأن ما ينجز وما يقوم به من عمل ، مهما كان بسيطا …
واجب علينا أن نبحث عن الصواب فينا ، لأن الخطأ هو الطبيعي والأكثر توقعا ، وأن نُخرج من بعضنا ما هو إيجابي في شخصياتنا حتى نستزيد منه ، ونترك النبش فيما هو سلبي كي لا نستزيده.. وليكن شعارنا وقناعتنا في هذه الحياة أن الخير هو الذي يغلب على الناس، وكذلك الحب والطيبة ، وأن الأصل في الذمة البراءة … ولنبتسم ، ولننظر إلى الآخرين بإيجابية واحترام واهتمام وتقدير … ولنكن على يقين أننا عاجزون من دون بعضنا البعض … فلا أحد منا يخلو من حاجة وضعف … ولا أحد يرى وجهه لكننا نرى وجه بعضنا ، وحري بنا سماع صوت بعضنا البعض بدل أن يسمع كل واحد صوت نفسه المنفرد…
هذه الحياة تتسع لنا جميعا ، ومن حكمة الله أن ما يوجد يكفي الجميع …..