الصليبيون الجدد!

د. أحمد الطباخ| مصر
كان كثير من الناس يظن أن الحروب الصليبية انتهت بانتهاء الاستعمار وإعلان استقلال الدول بعد أن رزحت تحت نير هذا الاستعمار ردحا من الدهر ولكن منذ سنوات وتظهر في سماء العرب من يؤكد على أنها لم تنته ولن عندما صرح بوش الابن عند احتلال بغداد أن الحرب الصليبية بدأت وأخذ إعلامه يبرر أنها زلة لسان وسقطة جاءت سهوا حتى ظهر ما هو مكتوم ومكنون في قلوب هؤلاء من الأحقاد والضغائن والترهات التي خرجت منهم تباعا وكان ما حدث في غزة حدثا عظيما كشف سواءتهم وبين حقيقتهم بل ظهر الأمر أكثر على ألسنة هذه الإدارة الترامبية التي كل يوم يكشفون عن مقتهم وعداوتهم لكل ما هو مسلم مهما داهنوا فهي كما يقولون دائما فما هذه النقوش على أيديهم وهذا السحنة على وجوههم وتلك الأحاديث التي يتحدثون بها إلا كاشفة بما لايدع مجالا للشك أنهم في غيهم سادرون ولنا كارهون ولخدمة ربيبتهم صادقون وعلى أبناء يعرب حاقدون وفاعلون ومدبرون فماذا ننتظر نحن بعد كل هذا الذي يفعلون ؟!.
ومهما يكن من أمر صدق أو عدم دقة ما كتب وزير الحرب الأمريكي الحالي، بيت هيغسيث، في كتابه “الحرب الصليبية الأمريكية” فإن الأمر لا يحتاج إلى برهان ودليل فدعمهم المطلق لهذا الكيان وتقديم قرابين الولاء أمور لا تنكرها العين : (كما استطاع الفرسان الصليبيون الشجعان في القرن الـ11 كسر شوكة الإسلام يجب علي الصليبيين اليوم أن يكسروا أيضاً شوكة الإسلام).
سألت Perplexity عن وثوقية هذا النص المتداول، فقال: بعد مراجعة المصادر المتوفرة من الصحف، المواقع الإخبارية، والاقتباسات حول كتاب “الحملة الصليبية الأمريكية” (American Crusade) لبيت هيغسيث، لايوجد نص إنجليزي موثق أو موضع مراجعة علمية يتضمن العبارة المنقولة حرفيًا: “(كما استطاع الفرسان الصليبيون الشجعان في القرن الـ11 كسر شوكة الإسلام يجب علي الصليبيين اليوم أن يكسروا أيضاً شوكة الإسلام)”.
المصادر الأمريكية والإنجليزية تشير إلى أن بيت هيغسيث يتبنى خطابًا حمل طابعًا مسيحيًا قوميًا وعدائيًا تجاه الإسلام في كتابه، وعبّر عن إعجابه بالفرسان الصليبيين وتبنى لغة الاستنهاض التاريخي (مثل قوله: “حظنا يشبه لحظة القرن الحادي عشر… يجب أن نتسلح — مجازيًا، وفكريًا، وبدنيًا. معركتنا ليست بالسلاح حتى الآن”)، لكنه لم يُسجل عنه نص صريح يدعو فيه بشكل مباشر لأن “يكسر الصليبيون اليوم شوكة الإسلام” بنفس التعبير المتداول. بل يركز الخطاب الأصلي على تصور الإسلام خصمًا حضاريًا للمسيحية والغَرب والدعوة للتعبئة الفكرية والدينية ضد ما يراه خطرًا حضاريًا.
بعض المنشورات وصفحات التواصل الاجتماعي في العالم العربي تداولت هذه العبارة حرفيًا على أنها اقتباس من الكتاب، بينما النصوص الأصلية المتوفرة من الكتاب أو المراجعات الموثوقة لم تُثبت ذلك حتى الآن. ويوجد استخدام للفظ “crusader” ومعاني الصراع الحضاري، لكن دون استخدام نص مطابق للمنشور أو دعوة صريحة للكسر العلني “لشوكة الإسلام” بهذه العبارة.
خلاصة: النص المتداول مأخوذ من اجتهادات أو إعادة صياغة للعقل الجمعي في منصات عربية، وليس نصًا حرفيًا من الكتاب بحسب المصادر الإنجليزية المتوفرة ومقتطفات الكتاب.
وأي كان الأمر فهؤلاء يخدمون مشروعا معاديا وظاهر العداء لنا من خلال هذه الممارسات على الأرض التي تكشف الخط العدائي لهم تجاه قضايانا التي قل أن تجد منهم ناصرا وداعما وإنما هم يتوددون بمنتهى الصلف والغرور ظلما وعدوانا من احتلت أرضه وخربت داره وضاع عياله ونخر المرض جسده فلا دواء أدخلوا له ولا طعام ولا خيام وإنما عداوة ووقاحة يبدونها وما تخفي صدورهم أشد وانكى وأمتنا ما تزال تغط في سبات عميق وجهل مطبق وخلاف مميت وليس لها من دون كاشفة أمام هؤلاء الجدد الذين أفسدوا في الأرض وعاثوا فيها فسادا وقتلا وتدميرا وتخريبا ولنا الله القادر المقتدر الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.



