الخطأ المبهر.. خارج النص الشعري

د. وعد محمد | شاعرة وطبيبة مصرية

لا شك أن السيمفونية التاسعة للفنان بيتهوفن تعد من الأعمال الموسيقية العالمية الخالدة، وتعتبر واحدة من أشهر الأعمال على مستوى العالم، حيث يعدها البعض أعظم قطعة موسيقية كُتبت على الإطلاق.

السيمفونية تمثل رؤية بيتهوفن المثالية “أتيوبيا” للحياة، وتعكس أيضا التزامه السياسي، فقد عزف سيمفونيته مستعينا بأبيات شعر من قصيدة “إلى السعادة” للشاعر فريدريش شيلرا لتي يقول مطلعها :

أيتها الفرحة، يا شرارةَ الآلهة الجميلةَ

يا اِبنةً من أرض الخلود،

ندخل، متوهّجين انتشاءً

ملاذَكِ القدسيَّ، عَـبـرَ الأثيـر

حيث أسحارُكِ تعيد رَبْطَ

ما قطّعه سيف اختلاف الزيّ

يصبح الشّحاذون إخوةَ الأمراءِ

أينما يرفرف جناحُكِ الرقيق

بيتهوفن كان يدرك الظلم الاجتماعي بكافة اشكاله ولكنه كان يحمل رؤية مشرقة للحياة كيف لا وهو موسيقار أصم لم يسمع أعظم ألحانه.

من المفارقات الغريبة أن بيتهوفن ظن حينها أنه ارتكب خطأ، فبعد أدائه الأول، قام بإعداد بدائل مختصرة لقصيدة الفرح؛ فـ الشكل السيمفوني كما كان مفهوما آنذاك لم يكن مجرد أداء موسيقي، بل كان اشبه بمقولة الفيلسوف لاوتزة – ”الموسيقى تأتي في المرتبة الثانية بعد الصمت ، عندما يتعلق الأمر بما لا يوصف.“

فلقد تم اعتبار إدخال بعض الكلمات مع إعطاء نبرات أعلى للآلات الموسيقية ضعفا و خطأ جسيما. ولكن خلال مرور الزمن، بدأت الآراء حول السيمفونية تتغير. وأدخلت فرق الأوركسترا المحترفة والعازفون والمغنون المتخصصون النظام في الأداء، فأصبح اللحن أكثر الألحان المفضلة عالميا.

لذا فان الـ “خطأ” الأكبر لهذا العبقري ربما كان في عدم اعتراف العالم بروعة هذا العمل الخالد ولكن بلا شك ان التاريخ أنصفه ..

ولكم ظلم التاريخ مبدعين ثم انصفهم بعد حين . ليس لانهم كانوا لا يستحقون وقتها . ولكن لان الوعي لم يكن كافيا في استيعاب منجزاتهم المبهرة.

لقد كتبت هذه القصة لكم ولكن ايضا لي ومن أجلي .. قد نقوم بالكثير من الأعمال الرائعة القيمة التي قد يقلل البعض منها أو يرميها بما ليس فيها ولكن سيأتي يوم ويعترف لنا الناس بروعة اعمالنا وبهاء فكرتنا.

الأغنية للمبدعة لارا فابيان “Je t’aime” اخترتها لتصاحب مقالي بدل السيمفونية التاسعة ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى