أصابع منحوتة.. قصة قصيرة

مرفت يس | القاهرة

      كنت لا أشعر بوقع قدمى على الأرض عندما توقفت السيارة وأنـــزلت حقيبتى لأسير باتجاه المنزل، مغمضة عينى للحظات أستنشق عـبق المكان ورائحته التى تحمل معها سنـــوات من الحنين والذكـريات، توقفت عند الشجرة العجــوز، وبفرحة طفلة صغيرة، جلست على الفرع المائل نحو مياه الترعة الصغيرة، مستندة  بيدى اليسرى، أناملى تغوص فى فراغات منقوشة أتحسسها بأصابعي، الخنصر على حرف الزاى، البنصر الياء، الوسطى النون، السبابة الباء،  والإبهام …….

لازال أسمى منقوشآ على ذلك الجــــذع مــنذ كنـا  طفلين لا نعرف من الدنيا غير اللعب والغناء والبراااااح وشمس الصحراء الجميلة التى خضبت وجوهنا باللون الأسمر .

كنت منشغلآ وقتها بنحت اسمينا على ذلك الجذع بشرشر تستخدمه للحشائش، تعلمت كتابة اسمى قبل كتابة اسمك الثانى، فكنا نضحك وأنت تكتب ” علي زينب ” بدلا من اسم والدك، لوسمعك شيخ القبيلة لعلقك هنا فى تلك الشجرة لتتعلم أن تكون رجلآ يحمل اسمه ويحمى الدور ومن عليها، ولا يلهو مع الفتيات الصغيرات 

كتبتها، وضحكنا، ولعبنا ثم فررت باكيآ، عندما أخبرتك برحيلنا عن القرية.

سنوات مرت، حتى تحررت من كل مايثقل ذاكرتى وحزن أبي  لإجبار شيخ القبيلة  له على الرحيل، لأبتعد عنك ياعلى، ها أنا أعود مجددآ إلى تلك الشجرة، أتلمس صبيا وفتاة وحدتهما شمس الصحراء ببشرة داكنة وفرقتهما طبائع البشر. 

 أين أنت ياعلي؟

انتبهت من غـفلتى على نبـاح كـلب، يلهث  وهو يجرى  نحوى، يتشممني احتضنته بشغف، رفعت عينى لأرى عجوزا متكئآ على عصاه أمـامى،  يـردد مبتسمآ                                                                علي زينب ……..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى