أريدكَ بلا عمرٍ

سمر لاشين-مصر

الصبيّة التي كانتْ -كلّما سقطَ رمشٌ على خدها-
تقول:
متى تأخذني على حصانكَ السّمين، أيّها الرّجلُ الدُّب ؟!
سأهديكَ السّمكة الملونة في قلبي، وأنشّر بالمنشارِ جناحيّ وأعلقهما على بابِ بيتكَ.
(أنا لا أحبُ الرّجال الأصغر سناً؛ لأنهم مرضى نفسيون.
ولا كبار السّن؛ لأنهم غريبو الأطوار.)
أيها الدُّب: أريدكَ بلا عمرٍ.

لسوءِ الحظِ أنّها بعد أنْ أصبحتْ زوجة الرّجل الدُّب
صار وجهه ناشفًا ومخيفاً للغاية؛ فكانت تُرمم التفاصيل المتعرجة
في جسدهِ بالألوانِ الحديثة والصورِ العاريّة.
حتى أنها صنعت له تمثالاً فضيّاً وعلقته في رقبتها النحِيلة.
– رغم ذلك عاملها بطريقةٍ مهملةٍ جداً.

الطفلُ الوحيد الذي أنجبته برأسٍ أصلع، لم يکن يتكلم، کان يغمضُ عينيه
كلما قَبَّل وردة، أو حطّ على عشّ فرخهِ، غرابٌ.
مما دفعها أن تتركَ حاجبيها ليلتحما، وشاربها ليستطيل
لم تَعد تكترثُ لصمتهما الدّائم.

ملأتْ غرفتها -السّريّة- بأجنحةِ النوارس،
وشيدت فيها فنارًا بمشجبٍ، تعلقُ عليه قلبها؛ كلّما دخلتها.
وحشتْ رأسها
بالسّحابِ، واللون الأزرق.

من حين لآخر تُطل من نافذتها -السّريّة أيضاً – وترددُ:
في قلبي سمكةٌ صغيرةٌ ملونةٌ؛ نصبوا لها الشِباك.
لا تخبروا البَحَّارة،
أن البحرَ في غرفتي، وأن السّمكة التي يبحثون عنها
تسبحُ في قلبي.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى