محنة الإمتحانات
مصطفى سليمان / سوريا
عام 1975- رن جرس بيتي الساعة الخامسة فجراً!!. دهِشت وقلقت وساورتني الشكوك فربما يكون مكروه قد حلّ بأحد أقاربي مثلاً ، أو( زوار الفجر ) يريدون أمراً ما . نظرت من النافذة فرأيت سيارة جيب بلونها العسكري الفتّا…ك !! اضطربت حقاً . قلت إذن هم ” زوار الفجر “!!
فتحت الباب ورأيت أحدهم على خاصرته انتفاخ يوحي بانتفاخ مسدس!!.
قال لي بلطف وأدب غير معهودين : أستاذ نرجو منك أن تأتي معنا. قلت إلى أين ؟ قال : نرجو أن تتعاون معنا فاليوم كما تعلم امتحان اللغة العربية!!! نريد منك خدمة بسيطة وسيكون لك مستقبل باهر!!
قلت له : يبدو أنك أخطأت العنوان . قال : لا تتردد ,لا تُضيِّعْ الفرصة . رفضت بإصرار وألح بإصرار . وبعد إلحاح كبير، ورفض أكبر ،( ذهب مع الريح) دون أن تجرفني معه رياحه الموحلة المزروعة شوكاً دامياًوذلاً وعاراً !
عدت إلى سريري لأتابع النوم… قرير العين هانيها .
طبعاً، وحتماً، وجد من تعاون معه في تلك الخدمة ( البسيطة!!)، فهناك كثير ممن ينتسبون زوراً إلى ” البشر ” ولا يحبون تضييع الفرص؛ فتجرفهم الرياح بأوحالها وأشواكها الحمراء! ربما تأثروا بمن قال:
إذا هبّت رياحك فاغتنمها
فعٌقبى كل خافقة سكونُ
——
أو تأثر ببيت الصّمَّة القُشَيري:
تمتّعْ من شميم عَرار نجدٍ
فما بعدَ العشيّة من عَرارِ
( والعرار شجر بري طيّب الرائحة).
والآن يقول الفاسدون المنبطحون الساجدون تحت النعال:
ولا تغفلْ عن الدولار فيها
فما بعد العشيّة من دُلارِ !!
فالحياة صعبة، ولا بد من العملة الصعبة!.هكذا يفكر الفاسدون المفسدون في الأرض!
وهكذا يضيع الوطن ، ويضيع المستقبل، وأبناؤه معه، وتضيع الأخلاق. لا ثقافة، لا إبداع ، ولا اعتماد على الذات …
فإلى أية هاوية نحن منحدرون؟؟
مصطفى سليمان/ سوريا