تنظيف (قصة قصيرة)
أسمهان خلايلة | قاصة من فلسطين
ريثما يكنس الممرات ويجمع القمامة يضع إبريق الشاي فوق الوابور ويشرع في شطف الأرضية ، يرمي بالخرطوم جانبا ويقفل الصنبور ثم يعدو نحو الزاوية البعيدة في الورشة يجهز الفناجين والسكر ، يقفز نحو البقالة في آخر الشارع ليعود حاملا الخبز الساخن والبيض والجبن وعلب السجائر قبل أن يستيقظوا ..يضعها على الطاولة السوداء بفعل عوامل تراكم الأوساخ والزيوت ، يعدٌون ما أرجعه من مال ، يقعي في الطرف الأقصى ، يزدرد ريقه فيما هم مشغولون بابتلاع وجبة الإفطار، ينظف البقايا والفتات بأن يحولها إلى وجبته ، يعثر على زجاجة بيرة منذ سهرة الأمس يكرع ما تبقى فيها ويجمع بقية الزجاجات ليتقاضى مقابل ارجاعها …يحتفظ بنصف بيضة في قبضته …ولا يهمل دس أعقاب السجائر ليعيد تدويرها سجائر كاملة بعد فرطها ولفها من جديد ، ( لاستعماله الشخصي ) .
في المساء يجوح كحيوان حُشِر بين كتلتين صلبتين ، ينهض لزجا دبقا فيبكي بحرقة وذل وهو يغسل ما علق به من آثارهم …
اليوم صباحا، ناولوه النقود، خرج إلى الحانوت لإحضار طلباتهم ..نفٌذ خطته …أطلق ساقيه للريح ترافقه استغاثته المدوية ..، ظل يشخر ويحشرج حتى همد تحت طعنات سكاكينهم، تردد جعيرهم وهو يتكوٌم في بقعة دمه : إقطعوا يد اللص ..لقد عض الأيدي المحسنة .
لوحوا بالنقود التي استخرجوها من جيبه