سقى الله أياما على ضفة النهر
الشاعر محمد عصام علوش
سـقى الله أيَّـامًـا عـلى ضَفَّـةِ الـنَّهـرِ تقـضَّت فكانت في المدى طلعةَ الـبَـدرِ
بـصحـبـةِ إخـوانٍ تسيـل نـفـوسُـهُـمْ وفــاءً وصـدقًـا في الـمَـوَدَّةِ والـبِـشـرِ
أولـئـك كـانـوا فـي الـحـيـاةِ نعـيمَها وكانـوا على الأزمـانِ عِـقـدًا من الـدُّرِّ
فـما العيْشُ إلَّا في اصطفائـك رُفـقةً يديـنون بالإخلاصِ في السِّرِّ والجَهْـرِ
وما العيْشُ إلَّا في الـبراءةِ والـتُّـقى كـأنَّ نـفـوسَ الـقـوْمِ من خالِصِ الـتِّبـرِ
فللهِ تـلــك الأمـنــيــاتُ تَـحــوطُـنـا تُحـلِّـق في الأجـواءِ تحـلـيـقة الـنَّـسْـرِ
وللهِ أنــســـامٌ تُــــراوِدُ صَــحْــوَنــا فـنـزدادُ سُكْـرًا مِـثـلَـما شاربُ الخـمرِ
وللهِ أطـــيــارٌ تــبــــوح بـلَـحــنِـهـا فتضفي على الأجواءِ جَوًّا من الـسِّحرِ
نُـشـنِّـفُ آذانَ الـسَّــمـاعِ بـحِـرفــةٍ لِـنـلْـتـذَّ بـالأنـغـامِ في حـضرة الـنَّهْــرِ
تُراوده في الـوَصلِ نـاعـورةٌ شـدَتْ فـتَـرفُـدهُ بالـشَّـدوِ في شَـهْـقـةِ الـصدرِ
يَـمـور بـأشـواقٍ تـفـــورُ وتـغــتـلي فـتـعـرفُ منه العـشقَ من شِدَّةِ الـمَـوْرِ
تَـقُــدُّ لـه فـي كــلِّ يَــوْمٍ قـمـيـصَـه فـلـيْس لـه الإنـكارُ طـوْرًا على طَـوْرِ
وكان شهودَ الوَصلِ صفصافةٌ حَنتْ وبستانُ لَـوْزِيٍّ من الـمُـشمُشِ الـدُّرِّي
وطوقٌ مـن الأزهارِ تـنـثـر عِطرَها تُـنافس عِـطرَ الـزَّيْـزفـون على الـبَـرِّ
تُـظـلِّـلُـه أشـجـارُ حَـوْرٍ تـسـامَـقــت تُـبارِكُ ذاك الحـبَّ من سالـفِ الـدَّهـر
وقـد أقـسمَ الأضيـافُ حِـلْـفـةَ صادقٍ على أنَّ هذا السَّكْبَ كالبَوْح في الشِّعرِ
تجــمَّـعُ أصــنـافُ الجــآذرِ حَــولَـه لتلـقَفَ منه الحُسنَ في نـبْضهِ يجري
ففي ضَفَّةِ العاصي جنانٌ تضافـرت تقـولُ أنا الـفـردوسُ في عالَـمِ الحشرِ
فهلْ سـيـعـودُ الـدَّهـرُ يجـمع بـيـنـنا فـإنَّ شقاء الـصَّبِّ في فَـتْـكَة الهَجـرِ
وإنَّ شفاء الـنَّفسِ من رَبـقةِ الضَّنى بعـودةِ ذاك الأنـسِ في آخرِ الـعُـمْـرِ