تجسس الأزواج وسوء الظن
دنا حسام | إعلامية مصرية
إن الأصل في الزواج الثقة والمودة والرحمة والحب والمكاشفة والحوار ضرورى لنجاح الحياة الزوجية واستمرارها، وقد توجد بعض الغيرة المحمودة بين الأزواج بشرط ألا تتطور إلى هواجس ومرض نفسى يؤدى إلى تفكك الأسرة .
وتجسس الأزواج ومراقبة بعضهم البعض بدعوى الحفاظ على كيان الأسرة لا يجوز فى الإسلام لقول الله تعالى فى القرآن الكريم (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا) وقول النبي – صلى الله عليه وسلم – (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تحسسوا).
فمعالجة الخطأ بخطأ هو جرم كبير، ومن الأفضل عدم قيام الزوجة بمراقبة زوجها فلو افترضنا أن الزوجه قامت بتفتيش هاتف زوجها وعلمت بخيانته هنا سوف تعيش فى كآبة وانكسار نفسى وحياة غير صحية نفسيا وسوف تؤثر على التكوين الطبيعي لشخصية الأبناء؛ بل يمكن اتباع طرق أخرى لتقويم زوجها من خلال الحوار والتنبيه عليه والتذكير بعقوبة الله له فى حال أن استمر على هذا النهج، فكثير من البيوت هدمت لأتفه الأسباب المبنية على الشك دون دليل قاطع وكانت نتيجتها ضحايا من الأبناء المشردين بين الطرفين.
و(التجسس بين الأزواج اقتحام للخصوصية يشعل نار الغيرة)؛ فالزوجة التى تراقب هاتف زوجها وتبحث فى سجل المكالمات و الرسائل النصية بدعوى أنه من حقها ذلك وأنها بهذا تحافظ على كيان الأسرة. لكنها بهذا التصرف تضع الزوج فى دائرة الضغط والقلق باستمرار مما يؤدى إلى ردة فعل عكسية تؤدى لانهيار الأسرة بل بالعكس لو أن الزوج خائن سوف يتخذ من الأساليب لحماية نفسه وعدم انكشاف أمره.
كذلك الأزواج الذين يستبيحون هواتف زوجاتهم وحساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي بدعوى أنه مَحرم ويحق له ذلك.
هو بهكذا تصرف يفتح باب الشك لزوجته دون دليل فالظن لا يقيم أسرة سليمة.
والتجسس بين الأزواج لا يمنع الخيانة والبعض يلجأ إلى هاكر وكاميرات خفية وتطبيقات لمراقبة الطرف الآخر وهذا بدوره يؤدى إلى انعدام الثقة وتحولات في نمط الحياة لتصير حياة تعيسه مبنية على الشك .
والتجسس بين الأزواج قد يعود إلى طبيعة الشخصية والمنشأ لأحد الطرفين وقد يكون أسبابها مرض نفسى يحتاج إلى التردد على عيادات الصحة النفسية وقد يعود التجسس في العلاقات الزوجية إلى عدم توافق فكرى بين الطرفين أو اقتناع الطرفين ببعضهم البعض قبل إتمام الزواج وهذا لا يعنى عدم وجود خيانات زوجية.
ولكن كيف نعالج هذه المشكلة المجتمعية ولا نؤدى إلى تفاقهما يكن ذلك بالعودة إلى تعاليم الدين والحوار البناء المبنى على الاحترام المتبادل بين الطرفين واحترام خصوصية كل طرف هو المخرج لعلاج هذه الظاهرة المرضية فى ظل تطور أدوات العصر الحديث مع العلم أن مراقبه الأزواج لبعضهم كان موجودا قبل ظهور السوشيال ميديا.
قال الله تعالى: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا لعلهم يرجعون ) صدق الله العظيم.