عالم دُخَان.. دُخَان!!
صبري الموجى/ رئيس التحرير التنفيذي لجريدة عالم الثقافة
نادت بمحاربتها أصواتٌ كثيرة ، وعن مخاطرها كتبتْ أقلامٌ عديدة، وبالرغم من ذلك جاءت النتيجة عكسية، بعدما أصم مالكو سلطة محاربتها آذانهم، واستغشوا لها ثيابهم لكيلا تقرع مسامعهم الشكوي منها، ومن ثم زاد أصحابها شرها؛ مُتذرعين بدعوى الحرية.
الظاهرة هى ” التدخين فى الأماكن العامة ووسائل المواصلات، خاصة قطارات السكك الحديدية، التى يُعانى ركابها صلف المدخنين، وإصرارهم على ممارسة تلك العادة السيئة رغم شدة الزحام دون مُراعاة لمُسن أو مريض أو طفل أو امراة عجوز لا حول لها ولا قوة على مواجهة المدخن الذى يتكىء على دعوى الحرية.
والسؤال : أى حُرية تلك التى تضر بصحة الآخرين وتُخلف وراءها الويلَ والثبورَ وعظائمَ الأمور؟
فما من كارثةِ حريق إلا وراءها التدخين، ومن ثم فالقولُ بأن التدخين حريةٌ، قولٌ داحضٌ وتعد ممجوج، وانتهاكٌ لحقوق الأفراد فى بيئة نظيفة آمنة، حرص الغرب البعيد عن الإسلام على توفيرها لمواطنيه، ولو تطلب ذلك ضرب المخالفين بعصا من حديد، وحُرمنا نحن المسلمين من التمتع بها.
ولكيلا ننكأ جُرحا دون تقديم العلاج، نقدم اقتراحات لحل المشكلة أهمها:
– تكثيف التوعية الإعلامية ( مرئية ومقروءة ومسموعة ) بمخاطر التدخين وما يسببُه من أمراض فتاكة تؤدى إلى الوفاة دون التذرع بأن هذه التوعية ستضر بشركات التبغ؛ فليس عدلا أن نُغلب مصلحة الأشخاص الاعتباريين ( الشركات ) على مصلحة الدولة والأفراد، فما تحققه شركاتُ التبغ من مكاسب، تخسر الدولة أضعافه فى معالجة الأمراض الناجمة عن التدخين.
– المحافظة على صورة القدوة جميلة بل رتوش؛ بتجنب الأطباء والعالمين بمخاطر الدُخَان التدخين أمام العامة، حتى لا (يتحجج) بهم المدخنون، ويمارسون تلك العادة تأسيا بالطبيب الفلانى، أو الأستاذ العلانى.
– تخصيص أماكن ” عزل “بعيدة عن التجمعات البشرية يمارس فيها المدخنون تدخينهم لكيلا يضروا الآخرين.
– رفع الدعم عن السجائر والتبغ، وزيادة قيمة الغرامة على التدخين فى الأماكن العامة أو الخاصة، وتحصيلها فورا دون مجاملة أو محاباة أسوة بالحال فى مترو الأنفاق.
– المشاركة الجماعية فى محاربة تلك العادة، ومجابهة مقترفيها، وتوعيتهم بأن الحرية لا تعنى ضرر الغير، دون الركون إلى ( الأناماية )، التي يتسم بها بعضٌ ممن أنيط بهم مواجهة المشكلة، فإنها مقولةٌ معوقةٌ وداءٌ عضال.
– وقبل هذا كله؛ لابد من إيقاظ الوازع الدينى والأخلاقى لدى المُدخن؛ ليعلم أن إضراره بالغير إثمٌ عظيمٌ، وجريمةٌ لا تُغتفر ، بعدما زاد عدد ضحايا التدخين السلبى، وزادت نسبة إصابتهم بالأمراض الفتاكة.
وبعد.. فهل نهب زرافات ووحدانا لمواجهة تلك الظاهرة، أم نلتزم الصمت تاركين المُدخن يعيث فى الأرض فسادا ودمارا؟