قصة قصيرة: هاوية

إدريس حنبالي | المغرب – فاس

ضبطها تضع الطلاء على أظافرها البضة؛ ولأن الصباغة عنيدة على رؤوس الأصابع؛ في عجلة تناول ما في جعبته ورسم على وجهها  لونا يشبه الموت. عاد إلى بيته قلقا  لأن الأمر ربما يتطور وعوض أن يصبح فنانا ذائع الصيت؛ قد تبور بضاعته ومن تم يتعرض للمساءلة، لا شيء من ذلك؛  عادت  إلى الوطن وهي الآن تأخذ قسطا من الراحة؛ تقدم إليها لا يلوي على شيء؛ كان سعيدا إلى حدّ أنه مد يده للمصافحة؛ لم تمانع أن تتعرض ممتلكاتها للتفتيش لأنها بذلت جهدا مضنيا لمحو آثار الجريمة؛ لم يعد على أناملها ما يغيض الأستاذ عدا بقع أقسمت ألا تحيد، قال لها أعتذر؛ ابتسمت مستغربة وقد بدا أنها كانت سعيدة. في  في اليوم الموالي جاءته إحداهن تقف على العتبة باستحياء؛ تقول إن زميلتها في الفصل عاتت في وجهها فسادا بأظافرها الصناعية المستعارة؛ وهي الآن تستأذن  طريقها إلى المستشفى. سألها وأين هي الآن؟ ..هل ألقوا عليها القبض.. هل نالت جزاءها ..على كل حال وحسب الأعراف الوطنية والدولية؛ إنها جناية.. تقول: بل الأمر أخطر.. ستحرم من حصص الدراسة لفترة لا أعلم منتهاها.. وعليه ستحرم من دريهمات الصباح ومن ثم تحرم من تناول البسكويت وقطع الحلوى في لمجة الاستراحة.. ستتوق إلى اللهو في الفضاء الأخضر في ساحة المؤسسة؛ أنسيت أننا نعيش على هامش العالم؛ وأنها لا تمطر إلا في الضّيعات الكبيرة وحدائق الدور الفخمة الفسيحة؛ وهناك وراء الآصور في المحيط .. – آصور؟ ..- ابتسمت وهي تشيح وجهها : ألا تعرفها..؟ يا لك من غريب.. إنها تقبع هناك في المحيط الأطلسي؛  وهو وإن تقدّمت به السّنون إلا أنه؛ مازال في أعماقه رجلا في كامل اللياقة و في صدره قلب عامر بالحب.. لا يغُرّنّك هذا السّكون الذي تستلذّه قوارب تحلم بالموت، يقول إنه يستبد به الشوق.. ويحلم بنا كل ليلة ولا يكف عن الدعاء..

ماذا عنها.. هل أطلقوا سراحها؟.. هل تم فعلا هذا الاعتقال…؟

تقول : لا تكن ساذجا سيدي.. ها أنا أضع هذا المرهم على جراحي وشيئا من المداد الأحمر.. ومع غروب شمس الغد؛ ستكون المسألة قد وجدت طريقها إلى الحل.. ستعود زميلتي لتنهال علي بالعناق والقبل وستلقمني شيئا حلوا قبل أن أشير بأي موافقة ثم تعلن أمام العالم توبتها؛ وقد تعود سيرتها الأولى؛ أجل؛ قد يزداد ولعها بالوجوه الغضة الممتلئة هذه المرة ..أعرفها جيدا؛ لها طموح؛ كما للرجل المحيط.. مازال يقسم أنه يكن  لنا كثيرا من الحب؛ ويكاد يفتك به الشوق.. يقول كذلك؛ إنه ذات يوم سيفتح ملء ذراعيه.. ثم يضم الجميع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى