أهمية نشر ثقافة “الوعي البيئي” في المجتمع

د عبد العليم سعد سليمان | رئيس الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة بمحافظة سوهاج- مصر

عبارة عن ادراك الفرد لمتطلبات البيئة عن طريق أحساسه ومعرفته بمكوناتها ، وما بينهما من العلاقات ، وكذلك القضايا البيئية وكيفية التعامل معها. والوعي البيئئ لا يمكن ان يتحقق فقط من خلال التعليم ، انما يتطلب خبرة حياتية طبيعية. وهناك فرق اساسي بين التربية والوعي ,  فربما يتعلم الفرد بمعلومات كثيرة عن نبات ما من النباتات النادرة ، ويعرف الكثير عن صفاته لكنه في نفس الوقت ، يقتلعه ولا يهتم به. إن الوعي البيئي في أصله يتكون من ثلاثه حلقات متداخة مع بعضها وهي:

  • التربية والتعليم البيئي

ويبدأ بالتعليم من رياض الأطفال ويستمر خلال مراحل التعليم العام الى التعليم الجامعي، بشرط أساسي وهو وجود تكامل لاهداف البرامج التعليمية والتربوية.

  • الثقافة البيئية

تبدأ من توفير مصادر المعلومات كتب ونشرات واشراك المثقفين البيئين في الحوارات والنقاشات المذاعة والمنشورات، وفي الحوادث والقضايا البيئية ذات الصلة المباشرة وغيرالمباشرة  بالمجتمع، خاصة ذات المردود الأعلامي.

  • الأعلام البيئي

هو أحد أهم أجنحة التوعية البيئية وهو اداة اذا أحسن أستثمارها كان لها مردود ايجابي للرقي بالوعي البيئي، ونشر الأدراك السليم للقضايا البيئية. ويعمل الأعلام البيئي في تفسير وفهم وأدراك المتلقي لقضايا البيئة المعاصرة وبناء قناعات معينة تجاه البيئة وقضاياها بما أنه مرت علاقة الأنسان بالبيئة كما هو معروف بمراحل عديدة عكست ظهور المشكلات البيئية واطوار نموها. ولعل أبرز مرحلة في هذا الشأن هي مرحلة استغلال الأنسان للموارد الطبيعية عشوائيا وبشكل جائرعلى حساب التوازن البيئي ودون الاهتمام لأحتياجات الأجيال التالية,وللكائنات الأخرى للبقاء مما ادى الى بروز ظواهر تنذر بأخطار كبيرة وتحولت اجزاء واسعة من الكرة الأرضية الى بيئة ملوثة  (شكل 1) وحتى معدمة، بلغت في مناطق عديدة عدم صلاحيتها لحياة الكائنات الحية. وقد نسي الأنسان بدوافع عديدة أغلبها غير مشروع أن يخرب ويدمرالأطار الذي يحيا فيه ويحصل منه على غذائه وكسائه ويمارس فيها علاقته الأجتماعية مع أقرانه من بني البشر. وبذلك ظهرت حركة مناوئة للاعمال المخربة للبيئة … واليوم لاتقتصرمشكلة البيئة فقط على التلوث بل يتعداه ليشمل باقي المشكلات البيئية كالمرور والأسكان واستنزاف الموارد ، ونقص الغذاء ، وتدهورالتربة ، والتصحر وزيادة السكان ، وغيرها من المشاكل البيئية الأخرى , وهنا ياتي دور الاعلام البيئي المكثف لالقاء الضوء على هذه المشاكل .

 شكل (1)  تلوث هائل لحريق في مكب نفايات

 

 من هنا برزت وتبرز أهمية التربية البيئية والتوعية او الوعي البيئي المطلوب لمواجهة المشاكل التي نتجت عن ممارسات الأنسان الخاطئة ، الناجمة عن انعدام او نقص الوعي البيئي لديه. وتفاقمت المشكلات البيئية طرديا مع مواصلته استغلال الموارد البيئية عشوائيا لحد أستنزافها وقيامه بوعي او دون وعي بتدمير الأنظمة البيئية حتى هددت حياته. وبذلك برزت الحاجة لتوعية الأنسان وافهامه كي يدرك مخاطر سلوكياته الخاطئة تجاه بيئته. وحتم ذلك ضرورة ان يربي الأنسان منذ نشأته تربية بيئية صحيحة تبدأها الأم مع رضيعها حتى يصل الى سن المدرسة بمشاركة الأسرة بدءا من رياض الأطفال حتى المرحلة الجامعية,  لخلق وعي بيئي وأسس تربوية تجاه البيئة لكي يفهم حقيقة البيئة ويتعامل مع المكونات الحية وغير الحية بشكل صحيح.

 دور التوعية في حل المشكلات البيئة

تساهم التوعية البيئية بشكل فعال في التقليل من المشاكل البيئية من خلال برامج التوعية المختلفة، وقد أكدت الدراسات فعاليته جنبا الى جنب مع الوسائل الأخرى، فيما تشكل (التشريعات البيئية والبحوث العلمية.. والتوعية البيئية) الوسيلة المثلى لحماية البيئة .

ان البشرية تحتاج الى اخلاق اجتماعية عصرية ترتبط باحترام البيئة ولا يمكن ان نصل الى هذه الأخلاق الا بعد توعية حيوية توضح للانسان مدى ارتباطه بالبيئة ، يقابلها دائما واجبات نحو البيئة ، فليست هناك حقوق دون واجبات . وقد أصبح من الضروري تنمية الوعي البيئي لدى المواطنين للمحافظة على البيئة وصيانتها ، والحد من مخالفات الصيد في المحميات ، وبدء اجراءات تنفيذ برامج اعادة توطين الحيوانات الفطرية المهددة بالانقراض , ومتابعة عدم الألتزام باجراءات حماية البيئة في المشروعات الصناعية في المدن والمناطق الحضرية الماهولة بالسكان , حيث يؤدي نشر الوعي البيئي بين المواطنين الى ترشيد النفقات التي تتحملها الدولة للمحافظة على البيئة ، كما يسهم في تنمية السلوك الحضاري للمواطنين , مما يتطلب تكثيف جهود جميع الاجهزة المعنية بالبيئة عن طريق تكثيف حملات التوعية في الاجهزة الاعلامية المختلفة ، ووضع برامج تدريبية للعاملين في المجالات البيئية ، والمشاركة في الندوات والمؤتمرات وورش العمل ذات العلاقة بالعمل البيئي ، والتوسيع في مناهج حماية البيئة . وتكمن اهمية ودور التوعية في ايجاد الوعي عند الافراد والجماعات واكسابهم المعرفة وبالتالي تغير الأتجاه والسلوك نحو البيئة بمشاركتهم في حل المشكلات البيئية وقيامهم بتحديد المشكلة ومنع الأخطار البيئية من خلال تنمية المهارات في متابعة القضايا البيئية والادارة البيئية المرتبطة بالتطور دون المساس بالبيئة .

ويتم تحقيق التوعية البيئية بشكل واضح ومباشر من خلال :

  1. 1. وضع القوانين والسياسات والتشريعات والانظمة البيئية التي تساعد على حماية البيئة والحد من نشاطات الانسان السلبية عليها من خلال التقليل من التلوث والسيطرة عليه وكذلك الادارة السليمة للمصادر الطبيعية وحماية النظام البيئي الحيوي.
  2. التنمية المستدامة ( الحماية + التطور = التنمية المستدامة ) حيث تتناغم العوامل التالية معا لتشكيل التنمية المستدامة ومنها عوامل اجتماعية وتشمل (عوامل صحية ـ عادات وتقاليد ـ قيم دينية) ، عوامل بايولوجية (النظام البيئي ـ الحفاظ على المصادرالطبيعية) , وعوامل اقتصادية (حاجات الانسان الاساسية) .
  3. ضرورة اجراء مسح شامل ورسم خريطة لمكونات البيئة في البلد تمهيدا لتوثيقه والانتفاع به في وضع خطط للتنمية على اسس مدروسة مع مراعاة البيئة وحمايتها و استثمارها بما يخدم اغراض التنمية الشاملة والمتكاملة والمتوازنة .
  4. دعم الهيئات والجمعيات المتخصصة في حماية البيئة في المدارس والجامعات من خلال النشاط الاهلي والحكومي وتاسيس (جمعيات اصدقاء البيئة) .
  5. 5. اعداد مرجع خاص للثقافة البيئية ومجمع لمفاهيم البيئة والتربية البيئية واعداد الوسائل السمعية والبصرية التي تخدم هذا الغرض .
  6. عقد ندوات في الصحف والتلفزيون وترتيب لقاءات خبراء منظمة لتبادل الخبرات ودراسة المشكلات الآتية والمستقبلية في هذا المجال واصدار موسوعة التشريعات البيئية .
  7. 7. دراسة البيئة المحلية دراسة ميدانية لمسح الموارد والمؤسسات والمشكلات وتكريم رموز البيئات المحلية الذين اسهموا بجهد متميز في النهوض ببيئاتهم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى