مقال

محمود بكري.. قلب الأسبوع ونبضه

سلوى علوان | القاهرة

الأوجاع يا سادة على قدر الحكاية، ثلاثون عاما مضت تجمعنا رحلتنا في بلاط صاحبة الجلالة، ثلاثون ألف وجع مع كل ذكرى تجترها الذاكرة المعبأة بالحكايات والأحداث الشخصية منها والمهنية، فقد جمعتنا تفاصيل صغيرة مع أسرتنا بجريدة الأسبوع وأخرى كبيرة مع عائلتنا الكبرى وهمنا الأكبر في الوطن..
كنت صغيرة حين التقيت بالكاتب الصحفي الدكتور محمود بكري في بلاط صاحبة الجلالة لم يبلغ عمري آنذاك التاسعة عشر عاما، وكان وقتها نائبا لرئيس تحرير جريدة الشعب، كان له تاريخا في ميدان الصحافة والسياسة معا، عملت معه أثناء عملي بجريدة الأحرار وكان وقتها يترأس تحرير مجلة الشباب الكويتية إلى جوار عمله بصحيفة الشعب، استقبلنا في المجلة وكنا شبابا في مقتبل العمر ومنح لنا فرصة الكتابة دون أية محاذير سياسية، كما فعل أخاه الكاتب الصحفي الأستاذ مصطفى بكري معي حين استقبلني كصحفية شابة مبتدئة بجريدة الأحرار، وطوال رحلة الثلاثين عامًا التي جمعتنا التحمت أحلامنا الشخصية الصغيرة بأحلامنا الكبيرة في وطن كبير ضج بالأوجاع والأحداث والثورات والحروب، والحق أقول لكم، لم يقم أي منهما في يوم ما بتوجيهي إلى ما أكتبه في أي موضوع صحفي أو تحقيق أو اعترض أيهما على مقال رأي كتبته، لم يحذف لي حرف، ولم تمنع لي كلمة، وكانت وقتها الصحافة المعارضة التي عملت بها ذات طابع حاد وكلمة لها ثقلها ووزنها.
خرجنا إلى الشارع معًا لمواجهة الظلم والفساد ووقفنا سويًا على سلالم نقابتنا في أحداث كثيرة نهتف باسم مصر، وباسم الوطن والعروبة، ضد الفساد والظلم تارة، وضد المجازر الصهيونية والأمريكية فوق الأراضي العربية من فلسطين إلى لبنان إلى العراق، وغيرها.
كتبنا، وانتقضنا وعلى مدار الرحلة امتدت علاقتنا الإنسانية بكل حب ومودة وتقدير واحترام حتى وان اختلفنا في العمل فهو اختلاف النبلاء، لكل منا تقديره واحترامه ومكانته لدى الآخر.. لم يمارس أحد الأخوين «بكري» يومًا دور الرئيس في العمل مع المرؤوس، عشنا أخوة في الأفراح وفي الأحزان، في المواقف الصعبة القاسية وفي الأحداث السعيدة والاحتفالات سواء على المستوى الشخصي أو المهني.
اليوم، تجتر ذاكرتي كل الأحداث بحلوها ومرها، وقت الشدائد ونحن نشد أزر بعضنا البعض، ووقت السعادة ونحن نحتفل بنجاحاتنا معًا.
اليوم، أكتب عن الكاتب الصحفي الكبير الدكتور محمود بكري، عضو مجلس الشيوخ ورئيس التحرير التنفيذي لجريدة الأسبوع
الدكتور محمود بكري الذي ضرب وأخاه الأستاذ مصطفى نموذجًا استثنائيًا في علاقتهما ببعضهما البعض ومساندتهما لبعضهما ودعم كل منهما لأخيه بقوة وثقة وإيمان لا حدود له.
اليوم، أكتب عن الدكتورمحمود بكري بينما يرقد مريضًا على سريره بالمستشفى يعافر مع مرضه الذي ألمّ بجسده بينما ترك بأرواحنا نحن زملاء المهنة وأسرته في جريدة الأسبوع- معاناةً لآلامه ودعوات صادقة بالشفاء.
محمود بكري، قلب الأسبوع ونبضه وشريان الحب فيه، رحلة طويلة من العمل الجاد، وطريقًا شاقًا في بلاط صاحبة الجلالة وفي طريق الإنسانية حيث أنشأ من نحو الخمسة عشر عامًا مؤسسته الخيرية «محبي مصر» التي خدمت آلاف الفقراء والمحتاجين والكثير الكثير من «غلابة» هذا الوطن..
بقلب صادق وذاكرة مخلصة وفية لتاريخ طويل لأيام حلوة وأخرى صعبة وقاسية جمعتنا على الود والمحبة والإخلاص لوطن عشقناه حتى النخاع، أدعو الله أن ينجيك من ألمك وأن يرفع عنك هذا الابتلاء وأن تنهض من جديد لنستكمل رحلتنا ونضيف إلى الذاكرة المزيد من الحكايات التي تستحق التقدير والاحترام.
شفاك الله وعفا عنك أخي الفاضل

*نقلا عن الاسبوع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى