أن تكون مبدعا على نحو مدمر

نداء يونس| فلسطين

 يؤكد ديفيد هارفي أن كل صور التنوير عن الحضارة والعقل والحقوق العامة والأخلاق هباء، وحيث إن الجوهر الأبدي والثابت للحياة الإنسانية يتمثل في شخصية ديونيسيوس الأسطرري”أن تكون في الوقت ذاته مبدعا على نحو مدمر”، بمعنى أن تلتهم عالم إضفاء الفردية وبذلك تقوم كما يقول هارفي بعملية تتضمن تشكيل العالم الزمني لإضفاء الفردية والصيرورة، وهي عملية مدمرة للوحدة، ومدمرة على نحو إبداعي فيما الطريق الوحيد لإثبات الذات هنا هو الفعل، وإبداء الإرادة، في هذه الدوامة من الإبداع المدمر والتدمير الإبداعي حتى لو قدر للنتيجة أن تكون مأساوية.

نشهد الآن عربيا لحظة السقوط الحر للمنظومة في مواجهة مباشرة لها مع القيم والأخلاق والعدل … إنها الأشياء تبتلع بعضها، وهكذا تسقط الأشياء أمام ادعاءاتها بأنها ما بعد حداثوية فيما نستمر نحن في سقوطنا في الوهم والاستيهامات بأن ما يمارس علينا من سياسات الموت والسيطرة بأدوات كولونيالية حداثوية/ما بعد حداثوية في بيئة المزرعة/المستعمرة كما يقول نيمبي ليست سوى تجسيد للحلم والقرار وتدفعنا إلى طلب الدعم وتسميته بالظاهري والادعاء بأننا لسنا ضعفاء وهذه تراجيديا بيضاء على خلفية داكنة …

إن الجميع في لحظة الاصطدام بالحقيقة يرتدون إلى القبيلة والعشائرية والبنى الأكبر من أن تنهار نتيحة تحورات في عرض سلعة السلطة والسيطرة والمصلحة.

إنها الحداثة التي يبدو “أنها تطورت ضد ذاتها” كما يقول تورين، وبهذا يختفي الهيكل العظمي للوهم خلف بذلة توكسيدو فاخرة ويمارس دور السيد في إقطاعية المرحلة التي قد تبدو حية ومعاصرة إلى حد خادع.

الغريب في الأمر هو قدرة هذه السياقات  الزمكانية والهوياتية السائلة كما يصفها باومان على التعايش معا دون أن تتسبب في انهيار الواقع ذاته.

إن عملية التطور نفسها حتى وهي تحول الأرض الخراب إلى فضاء فيزيقي واجتماعي مزدهر كما يقول بيرمان تعيد خلق الأرض الخراب داخل من يقوم بالتطوير، هكذا تعمل مأساة التطور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى