الحبّ فراشة روحٌ منيرة.. قبل أن يكون جسداً

حليمة عبد الرحمن | سوريا

يقول عبد الباسط السَّاروت:
“الموت حق.. وأنا أريد حقي”
وأنا مثله..
في النهاية إنني لا أرى الحياة
إلا قيوداً وأغلالاً
تكبّلنا منذ لحظة ولادتنا
إلى أن نموت..
إلى أن نرحل بعيداً..
تنصّ المعادلة
أنّ الحياة قيدُ الروح وسجنها
والموت…استراحة طريق
ليس لأنه ينتشلنا من براثن
هذه الجنية الكاذبة الجمال
المدعوة حياةً
إنما لأنه يحرر أرواحنا المنهكة
من أثقالها وأتعابها
يهرب بها من هذا الوجود البائس
إلى عالمٍ بعيدٍ آخر
عالم اللاوجود
حيث لاتخشى التحليق عاريةً
أمام جبهة الشمس
لأنها تعلم يقيناً
بأنّ الحقيقة لاتموت
وأنّما خُلِق من نور
لايحترق
تنصّ المعادلة
أنّ الحياة عملٌ شاقّ
وأنّ الوجود جرحٌ موجع
أنّ الجسد…حملٌ ثقيل
وكلُّنا ساعٍ لحرّيته
أحياناً…
تسألني السماء
عندما أذهب لمقابلتها
فقد تواعدنا على اللقاء على سطح منزلنا
كلّ يوم…
تسألني: هل الأرض عندك معادلة
أُجيبُها: بل ظالمة…
لكن الله عادل
أحياناً…أسأل نفسي:
“هل على هذه الأرض..
ما يستحق الحياة فعلاً”؟
كما قال محمود درويش
أجهد نفسي بالبحث..
عن تلك الأشياء الجميلة التي..
تستحقّ الحياةَ
على الأرض المالحة
أبحث عنها في كلّ مكان
في زوايا الغرف وتحت الخزانة
على ظهر البراد، في صفحات الكتب
بين الورود وأوراق أبي القديمة
في الحقيبة السوداء…
التي تخبئ فيها أمي دفتر العائلة
وأوراقنا الثبوتية..
وخاتماً ذهبياً لأيامنا السوداء
وخطبة أخي المعلّقة
أبحث عنها في تجاعيد جدتي
ورائحة الخبز وصوت المطر
ووجوه الأطفال وضحكة أبي
وفي عينيك…
أخيراً…ألملمُها جميعاً
أحتضنها إلى قلبي
ثمّ أحصي على أصابع يدي الخمس
الأشياء التي تستحق مني الحياةهي:
أبي…عائلتي
الورود
الأطفال
الكتب
الطبيعة
وأنت..
الحزنُ…شقيقُ الإنسان
وخِلّه..
ولأنني أعرفُه…
عندما رأيتُ عينيك الجريحتين
ألِفتُهُما..
العمرُ…كذبةٌ ألبسناها
عباءة الجمال زوراً
على جسدٍ قذر
فلم تحظَ بمباركة الطبيعة
المبنيّة على الطّهر
يجب أن نطَهّر أعمارنا
“الشّوق ينتهي باللقاء
والاشتياق يزدادبه”
هكذايقول ابن عربيّ
على أنّ كليهما موجع
من الغريب…أنّ الإنسان
لايهوى إلا ما يوجعه
الحبّ…روح الحياة
وقلب الوجود
الحبّ طفلٌ بريء
لم يرتشف
من سقم الحياة شيئاً
تلفّه أثوابٌ بيضاء
لم تتسخ بقذارة الأيام بعد
الحبّ روحٌ لطيف…
جنونٌ مبصر…وإيمانٌ بريء
الحبّ فراشة
روحٌ منيرة..
قبل أن يكون جسداً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى