انتفاضة تشرين

شعر ورسم: غزوان ياقوت | العراق 

إلى دماء الأبرياء الذين سقطوا في ساحات التظاهر في انتفاضة تشرين وهم يطالبون بحقوقهم المشروعة وبوطن سرقته الأحزاب الفاسدة ودمرته مليشيات القتل الطائفية.

يمضي الزمانُ وتبقى بعـــــــدَنا العبرُ

إرثًا من المجــــــــــدِ للأجيالِ مدّخـرُ

مذْ سالفِ الدّهــرِ قد قامتْ حضارتُنا

ونحنُ أوّلُ منْ في لوحِهـــــا سطروا

بيارقنا قد سمـــــــــتْ بألأفــقِ عاليةً

فانظـــرْ بمـــــــا تنبئُ الأيّامُ والعُصُرُ

والأرضُ ما عمّـروا فيهـا وما بذروا

وما بنوا فوقَهــــــــــا والشّاهـدُ السّيرُ

ومجـدُنا الشّمسُ ما غابتْ وما شرقتْ

والأرضُ ما شعَّ عن لألأئِهـــا سحـرُ

نمضي كمــــــا غيرِنا لكنّمــــــا أُسُدٌ

لنا على كـــــــلِّ شـبرٍ في الثّرى أثرُ

أولاءِ أهلـي واصحابي ومن بهــــــمُ

كلُّ الوجـــــودِ إلى الأحفـــــادِ يُفتخرُ

نجــــــــومُ حبٍّ ومن ابياتِهم بزغـتْ

شمسُ المكـــــارمِ حيثُ العـزُّ والكبرُ

خيامُهــمْ بطروقِ الضّيفِ عامــــرةٌ

دلالُهــــــمْ بشذا الأزهــــــارِ تنهمـرُ

تبشُّ بالنّورِ والتّهليلِ أوجهُهــــــــــم

عطاؤُهـمْ أينَ منهُ البحـــرُ والمطـرُ

أبوابُهـــمْ لم تسدْ في وجهِ سائلـــــةٍ

وإنْ بهــمْ أعْسرتْ دنيا ولا بطـروا

هوساتُهـــم كهزيمِ الرّعدِ جلجلــــةٌ

ينشقُّ منهـــــا حــديدَ القيدِ ينصهـرُ

الرّاكبونَ المهــاري صوبَ حتفهـمُ

لم يرتجفْ لهــــــــمُ نابٌ ولا ظَفَـرُ

وليسَ يثنيهــــمْ منْ راحَ مزدجــرًا

وما يخيفهـــــــمْ التّهــــــديدُ والنُذُرُ

الحاملـونَ همــومَ النّاسِ ما كبرتْ

والخالدونَ وإنْ غابوا وإنْ حضروا

والواقفــونَ كبارًا أينمـــا وقفــــــوا

في ساحةِ العزِّ حيثُ المجدُ والظّفرُ

هبّوا جميعًا هبوبَ الرّيحِ عاصفــةٌ

غدتْ بهــمْ ساحــةِ التّحريرِ تستعرُ

دارتْ عليهــمْ عيونُ الكونِ ناظرةٌ

والنّجمُ والسّهلُ والأنهـارُ والزّهــرُ

أكفّهم تحملُ الأعــــلامَ سامقــــــةً

مـرّوا وقد خضبوا الأبوابَ وانتثروا

تقدّمــوا ورصاصُ الموتِ يمطرهـُم

ما هزّهُـــــمْ ولهيبُ النّارِ يستجـرُ

هذي دماؤهـُــمُ في الأرضِ صارخةٌ

والشّاهدانِ عليهــا الشّمسُ والقمرُ

مثلُ الطّيورِ مضوا والأفقُ يحضنُهـم

من خلفِهـــــم تركـــــوا الأكبادَ تنفطرُ

وذكرياتُهــــــم في الفكــرِ ماثلـــــــــةٌ

وتلكَ اشياؤهــــــــــم بالصّمـتِ تعتذرُ

يا حاملينَ جــــــــــراحَ العمرِ أوسمةً

تلكَ الجـــــــــــــراحُ بصبرِ اللهِ تأتزرُ

خضتمْ غمارَ الرّدى والكــونُ مرتقبٌ

والنّارُ من حولكـــــــــم بالحقدِ تختمرُ

وجوهُكُــــــم اشرقتْ بالنّورِ وانطلقتْ

هاماتُكُـــم بضياءِ الفجـــــــــــرِ تعتمرُ

صيحاتُكُـم صوبَ عرشِ اللهِ قد رفعتْ

دكّتْ عــــــــــروشًا بزيفِ الدّينِ تسترُ

زلزلتم الأرضَ حتّى قالَ قائُلهـــــــــــا

نعمَ البواسلُ لا هــــــــانوا ولا كسـروا

وإنّنا بســــــــــلاحِ الحقِّ نهزمهــــــــم

وانّهــــــمْ بســــــــــلاحِ الذّلِ قد قبروا

قلْ للرعاعِ نرى جــــــرذانَكم هــربتْ

أنتم وقناصُكــــــــــم بالخــــزي يستترُ

الخائنونَ وقد باعــوا ضمائرهـــــــــم

والخانعـــــــونَ إلى الإذلالِ لو أُمـروا

وحولهـــــــــمْ زمرُ التّضليلِ مطبلــــةٌ

يا بئسما تلكما الأشكـــــــــالُ والصّورُ

يا لعــــــنةَ الله ِبالنّيرانِ تركسهـــــــــم

بقدرِ ما اجرمـــــوا فينا وما مكـــــروا

فهمْ مطايا لأمريكـــــــــا ومن معهـــم

وهــــــمْ ذيولُ بني صهيونَ لو كـبروا

تحشّدَ الشّعبُ والأشجــــــــارُ منتفضًا

سيلُ الجمــــــــــوعِ كما التّيارِ ينحـدرُ

حتّى الرّياحَ وقد صرتْ هواجرُهـــــا

حتّى النّخيلَ تناخـى ليسَ ينكســـــــــرُ

عرسُ المساكينِ ثاروا بلا وجــــــــلٍ

أصواتُهم اينعتْ بالرّفضِ  تنفجــــــــرُ

يا غضبةَ الشّعـبِ إنّ الشّعـبَ منتصرٌ 

وإنّ كلَّ ذيولِ الغـــــــدرِ قد صغروا

السّومريونَ قد ثاروا وما نكلــــــــــوا

تخالهم مثلَ سيلِ البحرِ لو هــــــدروا

والنّاثرينَ السّنا والليلُ معتكــــــــــــرٌ

والسّائرينَ لا خـــــــــوفٌ ولا حـــذرُ

ومتعبونَ بنا الاحـــــــزانُ قد طفحتْ

والغـــــــــادرونَ على اكتافِنا عبروا

لنْ نقبلَ الظُلمَ بعدَ اليومِ من أحـــــــدٍ

جنى الطّغـــــــــــاة ذنوبًا ليسَ تغتفرُ

آنَ الآوانَ أن نحيا بلا ألــــــــــــــــمٍ

وأنْ نعيشَ حياةً ما بهـــــــــا كــــدرُ

قــــــلْ للشّهيدِ الذّي يغفو على دمِــهِ

هذي الدّمــــــــــــــاءُ ببابِ اللهِ تنتظرُ

كتبتَ في دمِــــــــكَ المسفـوحِ أغنيةً

كانتْ لكـــــــــــمْ آيةً بالنُّذرِ فاعتبروا

لنْ يغفرَ الطّينُ من خـــانوا لنا وطنًا

خبزُ اليتامى ومن خانوهُ قد كفـــــروا

اللهُ يا وطني المذبوحَ من زمــــــــــنٍ

هم مزّقـــــوه على أشلائهِ سكـــــروا

يا غربةَ النّخلِ يا حـزني على وطني

أيّ المواجــــــع قلي ســوف أختصرُ

بلادُنا بيدِ السّـــــــــراقِ قــــــد نهبتْ

والفاســـدونَ من الأحـزابِ قد فجروا

تناهبوا الوطنَ المغــــــــدورَ في دمِهِ

والشّرَّ والحقــــدَ ما أعطوا وما بذروا

قد تاجـــــــروا باسمكَ اللهمَ واختلقوا

دينًا يباعُ وشعـــــــبًا فيه يتّجــــــــــرُ

وذنبنا أنْ أبينا أنْ نقـــــــادَ لهـــــــــم

أو أنْ نكــــــــــونَ لأمرِ الغيرِ نأتمرُ

هذي عطاياهـــــــــم موتٌ ولا أسفٌ

مفخّخاتٌ بهــــــا الأجســــــــادُ تنتثرُ

هذي بنادقهــــــم للقتلِ مشرعـــــــــةٌ 

يوزّعون هدايا المــــــوتِ لا نصروا

وكم أرادوا بنا كيدًا فمـــــــــا ربحـوا

واللهُ يُفشلُ ما كــــادوا وما شعــــروا

شاؤوكَ ذيلاً لكي تبقى لهـــــــم تبعًا

أنتَ الحسينُ ورمـــحُ اللهِ لو بصروا

قلْ للذيولِ ومن جاؤوا بهـــــــم سلفًا

هذا العــراقُ عـــــــراقُ الكبرِ يا تترُ 

يا صبرَ شعبي ما ضجوا وما اختنقـوا

كأنّ فيهمْ جـــــراحُ الأرضِ تختصرُ

يا صبرَ أهلي (يُدمي صبرَ من صبروا)

يا دمعَ أمّي على الخــــــدينِ ينشطرُ

لا ضاقَ صدرًا بكم بالصّبرِ محتملٌ

مهمـا طغى الظّلمُ أو استفحلَ الخطرُ

يا سارقينَ رغيفَ الخبزِ من بلــــدي

غدتْ بكـــــم صحفُ التّاريخِ تنتحـرُ

ستسقطونَ كمــــــــا الأصنامِ هاويةً

كي تعلموا ما يكونَ العــارُ والصَّغَرُ

ستسقطونَ ولا مجــــدٌ ولا شـــرفٌ

وتمحقونَ ولنْ يجدي لكـــــــمْ حـذرُ

ستسقطــــونَ جميعًا ثمَّ تنفرطــــــوا

ويهلكُ اللهُ من بالشّعبِ قد غـــــدروا

ونجيءُ من بعدكـــــمْ نبني لنا وطنًا

يزهو بهِ العدلُ والأحفــــــادُ والبشرُ

وبينمــــــــــــا أنتمُ تبقى مثالبكــــــمْ

من نتنهـــــا كادتِ الأرواحُ تعتصرُ

تبقى الشّواهـــــدُ تحكي عن مآثرِنا

ما أبصرتْ مثلهـا الدّنيا ولا الفكــرُ

وأنتَ يا ثائرًا هـــــــزَّ الدُّنا غضبًا

في كفِّــــه رايةُ الابطالِ تنتشـــــــرُ

يا هاتفًا يسقطُ الأوباشُ في بلــــدي

سلاحهُ الصّبرُ والمقـــلاعُ والحجرُ

تحذوكَ أفئدةُ  الثّوارِ هاتفــــــــــــةً

يحيا العــــراقُ وأنّ البغي مُندحــرُ

سجّلتَ في صبرِكَ الجبّار ملحمــةً

يبقى صداهـــا على النّسيانِ ينتصرُ

هذي الجموعُ من الأعماقِ هاتفــــةٌ

لسانهـــــــــــا كهشيمِ النّارِ ينتشـــرُ

ها نحنُ نقلبهُــــــا رأسًا على عقبٍ

حتّى بنا تستقيمُ الأرضُ تزدهــــــرُ

نحنُ الذينَ نصونُ الأرضَ نحرسها

نُبقي عليها وأنّا المــــــــاءُ والشّجرُ

رغـمَ الخياناتِ والرّشاشُ يحصدُنا

لكنّنا الرّيحُ والدّخـــــــــانُ والشّررُ

همْ مثلُ طلقاتِهم والحقدُ يملؤهــــــا

باعوا بنا بئسما الأوغـادُ والزّمــرُ

توهّجَ الغضبُ المسعـورُ في دمِنا

حتّى تكادُ عرى الأضلاعِ تنصهرُ

النّصرُ للشّعبِ مهما جارَ ظالمــهُ

مشيئةُ اللهِ صوتُ الحــــقِّ ينتصرُ

يبقى العراقُ وبغدادُ الهــــوى ألقًا

في صفحةِ المجدِ والتّاريخِ تزدهرُ

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى