بيننا مسافات

عزيز فهمي | كندا

لم أقرأ مايكوفسكي
روسيا كانت بلادا بعيدة عن قريتي
لم يكتبها الشيخ
على لوحتي
ولم تمطر “غيمة في سروال”
على خيام قبيلتي
لتروي قصائد “قفا نبكي، وهل غادر الشعراء…..”
تلك التي كانت معلقة
في السؤال
أضناها البكاء على الأطلال…
لم أقرأ مايكوفسكي
روسيا كانت بعيدة
عن لغتي
عيَّرتني غجرية مصابة بالحقيقة
عيرتني بكثرة المشيب في سلامي
وفي أملي
بشيخوخة سكنتْ وصالي
وأحلامي
وسكنت نوافذ غرفتي المطلة
على الصحراء…
فيا أيها الشعر
الذي تعشقه سنابك الخيل
التي تبحث عن القمح والسميد
عن الشروق في الغروب
هل لسيقانك رؤيا تقود المديح
إلى حتف يليق به؟
سنسأل المتنبي
كي لا يَغُرَّنا كلام المادح
عطاء الممدوح
كي لا نتعب 
كما تعِبت قصائد المعري
في مفازات الشك
نكفرُ بنا فينا وفي ‘رسالة الغفران”
فلكل “شيء إذا ما تم نقصان”
ولنا تيه في ملكوت البر
والبحر
ولنا النجوم نعدها كل ليلة
ونعيد دون ملل العد…
لن أقرأ مايكوفسكي
لا أفكار تليق بأفكاري
ولا يليق أن تتخلى السماء عن الأرض
في أشعار الصغار
لأن الدروب كتابة الصراخ
على شفاه الحروف
الحروف المنهكة بالحمد
والسؤال
ففي الدروب التي تمشي حافية
تبيت طاوية البطون
كالفراغ
تقول الشيء وضده
آه يا مايكوفسكي
كل الغيمات كاذبة
لا يخرج منها سوى سائل
لا طعم له ولا لون
وحدها غيمة القلب
صادقة
بدماء الحزن
تهطل دائما
كي ترى الوضوح في ما هو غامض
تجد لها صراطا في الضباب
فتبكي وتغضب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى