الفاجعة
د. عاطف الدرابسة | الأردن
قلتُ لها :
أنا حجرٌ
أنا ذاكرةُ حجرْ
أنا جرحٌ في حجرْ
كلَّما تذَّكرتُ تألَّمتُ ..
الجرحُ يشربُ الألم
بين عينيها يغفو الألم
ويمتلئُ الجرحُ بالجليد
فيكتبُ الألمُ قصيدةً
تتجمَّعُ حولها النُّجوم
ويغفو على همسِ إيقاعِها
ليلُ الجسد ..
أسمعُ أنينَ الصَّخر
يتفتَّحُ بين يديَّ
امرأةً من ألم ..
البردُ ينسابُ في عظامِ القصيدةِ
فتتنفَّسُ الأوراقُ عِطراً
علقَ في مطاوي فستانِها
ليلةَ أمطرت السَّماءُ ورداً
فاختبأت زهرةُ النَّرجسِ
بين النَّهدينِ كقُبلة ..
أنا حجرٌ
لي يدانِ وقدمانِ
ولي شفتانِ مُغلقتانِ
وعينانِ بلا قلبٍ ينبضُ
وأُذنانِ لا تصغيانِ
إلَّا إلى عزفِ الألم ..
أنا الألمُ
أبحثُ عن المَسيحِ
في المدنِ الحُمرِ
في عينينِ حزينتينِ ..
أبحثُ عن المَسيحِ
في القصائدِ الثَّكلى
بين الأغصانِ التي يسري
في نُسغِها الألم ..
أنا الألمُ
أبحثُ عن المَسيحِ
بين السُّطورِ
وإرهابِ الكتب ..
أنا الألمُ
أبحثُ عن المَسيحِ
ليُعيدَ إليَّ بعضَ لساني
وجزءاً من رِئتيَّ
لأتنفَّسَ هواءً
حملتهُ إليَّ ابتسامتُها
ليلةَ عيدٍ
سجا فيها القمر ..
أنا الألمُ
أبحثُ عن المَسيحِ
في الزَّمنِ المقهورِ
ليملأَ فمي بصرخةٍ مؤجَّلةٍ
منذ أوَّلِ سكِّينٍ
سفحَ دمَ القصيدةِ
بيدٍ باردةٍ
فسالَ الحبرُ من أطرافِها
وتنفَّسَ الألم ..
أنا الألمُ
سآتيكُم مع أسرابِ الماء
أنثرُ قُبَلَ الأملِ
في عيونِكم
قبلَ أن تصيرَ الأرضُ قبراً
ويقرأَ اللَّيلُ بين القبورِ
ما تيسَّرَ من قصيدةِ الفاجعة ..