أدب

أتركُ بابِ الأبجديةِ مواربا

مها دعاس

قصيدةٌ متروكة على حواف الكلام، لتلجأ إليها غابةُ من البردِ عندما يتدفقُ الدفءُ من بين سطورها،

لوحةٌ بيضاء بلا إطارٍ أرسمُ في قلبها الخطوط البرتقالية بلون الشمس فتصير شجرةَ برتقال

خطٌّ أزرق يتحول إلى بحرٍ ، أنا قاربٌ تائهٌ والشاطىءُ بعيد،

قصيدة تهربُ مني وتأخذُ معها الأزهار
كلّما اجتهدتُ لتحريرها وإطلاق سراحها،
كلما حاولتُ تجاوز الأسوار،
كلما عانيتُ بما يكفي من نبضي لكي أخلقها فتضيق العباراتُ وتضمحلُ اللغة،

قصيدةٌ أعجز عن كتابتها لها هديلُ حمامةٍ غريبةٍ على سورِ منفى وشدو غديرٍ لغربته،

قصيدةٌ أعجز عن كتابتها لها قلبُ امرأةٍ على علاقةٍ وطيدةٍ قديمةٍ مع الصمتِ وتاريخٍ مكتملٍ بأركانِ الخيبة وشقاء أمٍ لا تملك سوى قلبها وجبةً كاملةً للحب
تحضرني،

طازجة الألم غارقة العزلة تتضاءل لغتي أمام مبتغاها،
كالرعد يتجهز للمطر ناضجة هي بالمعاني في صدري،

مهرولةً أركضُ على الورق بلا مأوى،
تعصفُ بي معانيها فيلوكني الألمُ والأرقُ وفي كل مرة أبتلعُ كلماتي،

لكلِ كلمةٍ صورةٌ ولونٌ ورائحةٌ وصوت،
الكلمةُ لغةُ العينِ وصوتُ القلب،

أعيشُ صبرهّن وكلَّ مخاوفهّن وخجلهّن،
وكأنّهن الجراح تساندها الجراحُ فتنسابُ بين السطور،

من نزفهِا يُخلقُ الشعرُ وتمنحه المعاناةُ توهجا،
ندبةً ندبةً أحشوهّن بالسكوتِ حتى لا أترك للعجزِ ذريعة،

فقط أحاولُ أن ألوذَ بالكتابة،
تعاندني المحاولةُ وتأبى إلا أن تتحولَ إلى صمتٍ يختمر
في زجاجاتٍ، وبالرغم من إحكام إغلاقها تتبخرُ لتعود دمعةً دمعةً على هيئة غيمٍ بينما أتركُ بابِ الأبجديةِ مواربا..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى