خبر صادم

حورية محمد | سورية

صباحٌ يصافح النَّافذة بيد الضَّباب، يخنق صوت العصافير المهاجرة من رحلة الصَّيف المشرئب. سلام الجالسة فوق كرسيِّها القديم ترتِّب أوراقها التي بعثرتها الرِّياح المتسلِّلة من شقوق نافذتها، تحستي قهوتها الصَّباحيَّة، منتظرةً بلهفةٍ قدوم العصافير المتوَّجة بزقزقات عذبةٍ تتناغم وصوت فيروز.
“يبدو هذا الصباح مختلفًا!” تحدث سلام نفسها، “لقد غاب صوت العصافير! “، تفتح سلام النَّافذة رويدًا رويدًا، والعين تخشى هول القادم. تصرخ: يا للهول أين ذهبت عصافير النَّافذة!! عبثًا تنظر يمينا ويسارًا، فيبدو أنَّ كثافة أوراق شجرة الحياة قد حالت بينها وبين مناها.
تعود سلام إلى غرفتها مكسروة الجناح بائسة. تنظر إلى فنجان قهوتها لترى فيه تعاريج سوداء كثيفة. يستبدُّ بها الصَّمت، تفكِّر: “ماذا تعني هذه الخطوط؟!”، ثمَّ ترتدي ثيابها على عجلٍ والجسد يتلوَّى من وقع الحيرة الطَّاغية. تخرج سلام إلى عملها كالمعتاد ملقيةً التَّحيَّة على جيرانها. تصل إلى مركز العمل والصمت ذاته يعود ليتربَّص بها. زميلتها تحضر لها فنجان من القهوة، تشربه سلام وتحدِّق في قاعه لتبصر ذات التَّعاريج السوداء تظهر مرة أخرى. قالت في سرها: الله يستر! يبدو أن هذا خبرًا غير سارٍّ يهروب في طريقه إليَّ!
تنهي سلام عملها وتترقَّب الفرصة للخروج قبل نهاية الدَّوام، لكن محاولاتها لم تنجح. وحين عودتها، تسرع سلام باحثةً في عيون أهلها عن تفاصيل الخبر المنتظر، تأخذ قسطًا من الراحة، قبل أن تعاود الأفكار استعمارها، موجِّهةً طلقاتٍ من الأسئلة الغامضة.
عند المساء، حركةٌ غير اعتياديَّةٍ تعمُّ أركان منزلها. ترقب سلام عن بعد وجود هؤلاء الأشخاص. عند بداية الليل تخبرها والدتها أن هناك شابًّا تقدَّم لخطبتها وقد تمت الموافقة عليه! تصرخ سلام: أنا لا أريد هذا! تركض إلى سماعة الهاتف، تتَّصل بمحمود وهي تبكي.
محمود: ما بكِ يا سلام؟
سلام: لقد تقدَّم شاب لخطبتي وقد تمَّت الموافقة عليه من قبل أهلي دون استشارتي. اسمع يا محمود، لن أدع حلمنا يتحطَّم! أريد منك أن تقف إلى جانبي لمواجهة أعاصير هذا القدر!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى