قراءة تشكيلية في (الفن والجمال والحب)

 الفنانة التشكيلية – أميرة عبد العزيز – مصر

هل خَطَرَ على بالِ أحدٍ منكم سؤال عن ماهية علاقة الفن بالجمال؟ وهل يوجد ربط بين مفهوم الفن ومفهوم الجمال؟

بالتأكيد هي ليست فقط علاقة أوربط وارتباط بين الفن والجمال إنما هي نتاج رٌقي بشري أوجدَ سيمفونية أحدثت تفاهم بين البشر بلغة واحدة متفق عليها منهم إنها لغة الفن والجمال.

لقد أجمعَ بعض كُتاب العصر الحديث إلى أنه توجد علاقة بين الفن والجمال،، إنهم يصفون الفن بِأنَ له القدرة ولديه الطاقة على توليد الجمال بما يمتلك من مهارة في استحداث متعة جمالية، تلك المتعة بِإمكانِها أن تثير في نفس ووجدان البعض مرة سعادة ونشوى وتارة أخرى تثير شجن ممزوج بعاطفة تأخذك من عالمك إلى عالم ملئ بالسحر والحب والجمال.


إنه بالفعل يوجد ربط بين مفهوم الفن ومفهوم الجمال، بل إن أردنا أن نكون أكثرَ دقة لأطلقنا العنان للتعبير بحتمية وجود إرتباط بين مفهوم الفن ومفهوم الجمال.
ولعل ما يؤكِدٌ ذلك ما قاله عالم الجمال الألمانى مولر فرينفلس Muller Freinfels فى كتابه (سيكولوجية الفن) حيث قال: “لفظ الفن إنما يُطلق على شتى ضروب النشاط أوالإنتاج التي يجوز أوينبغي أحياناً أن تتولد منها آثار جمالية وإن كان مثل هذا الأثر ليس بالضرورة المعيار الأوحد”.
بينما قال الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط Immanuel Kant: “الفن نشاط تلقائي حر، في حين أن المهنة صناعة مأجورة تهدف إلى المنفعة وترمي إلى الكسب”.


ومن ذلك نستشف أن هدف الفن لدى كانط إنما هو المتعة الجمالية وأن غايته الوحيدة هى الشعور باللذة الجمالية التي تجعل الإنسان دائماً متشوقاً للبحث عن الجمال الذي تُحدثهٌ هذه المتعة في نفسه ووجدانه، في حين أن أي مهنة أخرى وخصوصاً إن كانت مجرد عمل مقيد بعدد ساعات معينة قد لا يكون مُشوقاً في حد ذاته ولكنه ربما يكون جذاب بما يترتب عليه من نفع مادي أو ما يتولد عنه من كسب.
ويقول عالم النفس الفرنسي هنري دولاكروا H. Delacroixأن: “الفن لا يبدأ إلا في اللحظة التي يتمكن فيها المرءٌ من الإنصرافِ عن الطابع النفعي للحياة العملية لكي يٌحرر نفسه من حصارِ المنفعة وإرادة الحياة”.
وأعتقدُ أن دولاكروا إنما يقصد من ذلك أن الفن نشاط حر يطبعٌ على المتعة الفنية صفة النزاهة الخالصة التي لا تشوبها شائبة من أي مصلحة أو منفعة، ولعل يكون ذلك المعنى قريب من الذي قصدَ إليه المفكر الألماني لانج Lang حيث أنه عرَّفَ الفن بقوله: “إن مقدرة الإنسان على إمداد نفسه بلذة قائمة على الوهم Illusion دون أن يكون له أي غرض شعوري يرمي إليه سوى المتعة المباشرة”.
بينما ذهبَ الفيلسوف الإنجليزي سلي Sully إلى تعريف مشابه عن الفن لِما ذَكَرهٌ المفكر الألماني لانج Lang حيثُ أوضح ذلك في قولهِ: “إن الفن هو إنتاج موضوع له صفة البقاء أو إحداث فعل عابر سريع الزوال، يكون من شأنه توليد لذة إيجابية لدى صاحبه من جهة وإثارة انطباعات ملائمة لدى عدد معين من الناظرين أو المستمعين من جهة أخرى، بغض النظر عن أي اعتبار آخر قد يقوم على المنفعة أو الفائدة الشخصية”.
أما سقراط Socrates فقد أوضح بأن الحكم على الجمال إنما مرجعه الذات العاقلة والضمير فالجمال لدى سقراط هو جمال معنوي يهدف إلى خدمة الحياة الإ؟نسانية والأخلاقية.
في حين ربط أفلاطون Plato الجمال بالحب الإلهي وذهب إلى أن الحب هو الجمال والفن، وكل محاولات الإنسان لمحاكاة الطبيعة إنما هي محاولة منه للوصول إلى عالم مثالي من الجمال
إذن يتضح لنا أنَّ الجميع من فلاسفة وكٌتاب ومفكرين وعلماء أجمعوا على أن الفن أسمى هدفه وأعلى غايته إنما هي إحداث وتوليد وإثارة لمعنى اللذة والمتعة والجمال المعنوي دون الإعتبار لأي منفعة مادية يرمي إليها.

إنَّ الإنسان بطبيعته محباً للجمال شغوفاً دائماً بالبحث عنه، يعشقٌ إضافته فى كل تفاصيل حياته.


إذن لاثمة إنفصال بين الفن والجمال لأن الفن هو الجمال ، والجمال نتاج الفن ولا يستطيع أن يفعل ذلك إلا الإنسان لأنه بما وضعه الله فيه من القدرة على الإبداع والإبتكار وخلق كل ما هو جميل ممتع إنما هو فيض ونبع من الطاقة الداخلية النفسية والروحية والعقلية التي أوجدها الله سبحانه وتعالى في الإنسان الذي كرمه عن سائر المخلوقات ونفخ فيه من روحه وحمَّلهٌ الأمانة لإنتاج وإبداع كل ما هو جميل ترتاح له العين ويطيبٌ له القلب والنفس والروح… وللحديث بقية…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى