مسافر كالعراء

عزيز فهمي | المغرب – أمستردام

أُعري الغضب من عيني
كما تُعري النهارات كحل الليالي
كي لا تلبس كلماتي حُنجرة العاصفة
فأكسِّر شفاه الفناجين  بأسنان متعبة
أعض على أنامل الأحلام
كلما أيقظتني كوابيس ندم لئيمة.
  
أغلق النوافذ خلف صراخ الشوق.
أفتح باب الرحيل على عويل الحنين.
الدار تسكنها الذكريات
لذا أترك أحذيتي وراء العتبة
وكل ما لدي من حقائب
أُشرعها على المسافات البعيدة.
أُحنِّط نغمة الفرح 
حتى لا تتعفن أسارير وجهي
لا تحتل تجاعيدَه ملوحةُ جبيني.
أكلم الجدران المملوءة بالأفواه
لكن لا أذن تسمع ندائي
فيمتلئ صداي برجع  الآهات
أغنياتٍ للغروب الذي يتوجع على حصير الغياب.
هناك شفقٌ خلف الشفق.
ألوذ بالمدن الرحبة خارج قصائدي
لأني تعبتُ
من  أبيات  تشتكي بُخل العبارة
لزوجة المجاز،
من أرصفة المعنى الغاصة بضحايا التأويل
لم يعد “لكل مقام مقالٌ”
تعولمتِ النوايا في اختفاء الحدود.
تلدُ اللغة ما لا تعرف نسله
يحتار الكلام المتصابي
فينشر على شفاه كاذبة وضوح الفجر
لتصلي العناكب على الجثت الحية.
تعبتُ من هوسي بالمستحيل
أن أقبض على الشهب التي تلعب في السماء
أن أحصي خيبات المهاجرين إلى الأحلام
لا يرجع ما مضى إلا متألما
يزرع في حقول الكتابة أسئلة الشجن
يضيق القلب من دوني
حين أجمع نبضه وأرحل
رحيل السنين الخائفة من عصا الزمن
تفر لترتمي في أحضانه
ارتماء الفراشات في شبق اللهب.
تكبر بداخلي الأسئله
كلما أدركَ تيهي وجهته
وازداد تيها
كلما بحثتِ الريحُ عن سلالتها أمامها
أيقنتُ
أن نباح الكلاب خلف قوافل مُفلسةِ
جنون
أن لُهاث العَطْشى خلف نداء السراب
انتحار
تتقاطر الأشعة الشمسية
فأملأ جيوبي
أدخر ما استطعت من دفئها في مسامي
وأجيئ عاريا من كل ما ليس لي
لأتلوَ عليكم حقيقة ما جمعته في بيدري
كما تُتلى الشهادة
اشهدوا علي أني بلغتكم
هذا الأمر
غضبي عليَّ
هو كل أمري!!!!
عزيز فهمي/ كندا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى