حوار مع الشاعر الليبي المهدي الحمروني

حاورته ريم العبدلي |  ليبيا

(الوطن هو المعادل المعلل للزمن في تفاعلات المداد الشعري)

شق طريقه بقصائد تعبر عن الوطن ونشرت العديد من قصائده بالصحف العربية والمحلية، لديه العديد من الإصدارات، كما تحمل قصائده جمال الصور الشعرية والإحساس.. التقيناه فكان لنا معه هذا الحوار :-

س:// عرفني بحضرتك؟

الجواب:

أنا

هكذا دائماً..

كنصي المنثور

أفتقد زخم المفتتح

ومخاتلة التقديم

أبدو متواضعاً

وغايةً في البساطة

كضآلة زهر البيد

فوّاحاً على تقلّب اتجاه الريح

يلزمني حدسٌ خاصٌ جداً

في جلبة أنفاس القطيع

صادرتني هيئة طفولتي

إلى سذاجة الأبصار

أتوهج كالنار في منتصف الأماسي

وأخبو في القفلة

كسردٍ مفتوحٍ للمقاربة

عيبي أن جيبي أكبر من حجمه في خيال العوام

فبقعرٍ جافٍّ يُرى متضخماً وناضحاً

وفي امتلائه العابرِ أبدًا

لا يتلبّسني إهابٌ ناشزٌ عن قنوع

لأن وجهي حصينٌ عن الشكوى

وكتوم للمعاناة

مفرط التواضع للحفاوات

مُقبِلٌ نحو القلوب المشرعة

حتى أُحشر في خانة السذاجة

مُدبِرٌ عن زائفة الكبر

حتى يُظنُّ بي التعالي

غريب سأمضي

أنتبذ بسيرةٍ غائمة

في صحوٍ قلِق

كنبوّةٍ مؤجلةٍ بعد موتي

وثائقي تنبئُ عني

وعن مظلمتي

وزهدي في الضوء

وهواني على الإنصاف

إلا مارحِم الله

في استحقاقٍ شاردٍ

وعفيف

تقُدُّ القراءةُ قميصي من قُبُلٍ

بنيرانٍ صديقة

فتراني غويًّا

أُملِّكُ الحبيبةَ الشعرَ

وأُدمِن تطويعَ الخطاب لتاج وهمها

فلا أتنكّر لمقامها

لأني أصبو إليها وريثةً

لِما غادرني بغتةً

من ظل آلهة أمي

وكُنهِ أناي

بشغفٍ لايشوبه

مثقالُ ذرّةٍ من

مَلَق

س:// هل الظروف التي نعيشها لها دور في كتاباتك؟

الجواب: على الشعر ككائن موكل بالاختلاف؛ أن يعيش كل العصور، ويستشرف قادمها، لينحت حضارة كتابته، التي تقلده في عنق وصدر وجدان جدارية الأزل لهذا تبقى الآونة المعاشة؛ مجرد برهة قدح للوحة الأبد المناط بالشاعر كدور ومفهوم متجدد.

س:// كيف كتبت الوطن في أشعارك؟

الجواب: الوطن هو المعادل المعلل للزمن في تفاعلات المداد الشعري، حيث تتأسس حتمية تعاطي الكتابة الشعرية، كمنتج إنساني يشترط إحساس انتمائه الانفعالي لمؤثرات المحيط، بين أصول ثابتة ومنقولة، تنجز مركبها بسِمات المكان كعنصر مؤثر بالغ الأولوية في ترسيخ هوية النص، وهو بعيدًا عن استثناءات الانكشاف الطارئ؛ يتمثل ويتماثل خلف قطينه الإنساني ومحتواه الشمولي، المُبصَر والمختزِل في بصيرة سيرة كل شعر حقيقي.   

س:// رأيك بالحركة الأدبية حاليًا خاصة بعد انتشار وسائل الاتصال الاجتماعي؟

الجواب: الحركة الأدبية كائن يبقى سائبا في مرعىً متشابك السفانا والأدغال، عند افتقاده للرعاية ذات الظلال الآوية لألفتها، غير أن وسائل الاتصال كفضاء شفاف وواضح؛ انبرى يمنحها الدليل، ويتيح لها تحوّرًا أرحم من ناحية تكافؤ البوح، وبحرية تغدو مطلقة في مساحة من براح الفرص.

س:// كيف تري مستقبل الشعر من حيث القيمة والجودة والمتانة؟

الجواب: التطور فرضية حتمية، مع سهولة الانفتاح الملاقح للتجارب الشعرية، مهما توجسنا من زبد الاستنساخ الذاهب لضرورة الجفاء، عما يمكث في الأرض مما ينفع الذائقة السرمد.

س:// برأيك من الحكم الحقيقي لنجاح القصيدة؟

الجواب: ليس غير الصدق الطافح عن المكابدة الحقيقية، من ذاكرة ووجدان فنان جلي الموهبة الأصيلة، وهذا ما تتفق وتجمع عليه الذائقة التاريخية النقية، من شوائب التعصب لكل ما دون الإبداع النفيس في النصوص.

س:// هل فعلاً إصدار الدواوين هو إثبات للذات أولاً وأخيرًا؟

الجواب: إصدار الدواوين هو ببساطة إزاحة حملٍ عن كتف الشاعر إلى الشريك المتلقي، أما إثبات ذات الكتابة فهو رهين القيمة في كلا الطرفين، ليظل النص هو الرهان الحقيقي على استحقاقه، كخامة قابلة للتداول والاستمرار والرسوخ والبقاء.

س://أي أصناف الشعر الأقرب إلى روحك؟

الجواب: هناك فرق كبير وشاسع في آصرة وقربى الصنف لي بين حالتيَّ كشاعر أو كمتلقي، الشاعر هو متلقٍّ للحظة الشعر الحاسمة التي لا تخيّره في منآها عن الصنعة في صوغ القالب، إلا في الاستبطان المضمر، الذي قد يستجيب لروح عفوية الإيقاع الظاهر لتطريبٍ ما مختزل، لكني أطّرِدُ إلى تأمل واستشراف مغايرتي الخاصة لصورتي الشعرية، بلا قيدٍ يحول دون حلم التغيير بالخصوصية المنفردة العزف والمتفردة الاستحداث.

س:// أي إضافة غابت عني؟ أو كلمة نختم بها حورانا؟

الجواب: الامتنان وأن أوقّع بهذا البيان الخاتم:

ما أنا بشاعر

وفيما مضى

كنتُ مجرد اختزالٍ قبلكِ

حتى مسحتِ على سِحر خاتمي

كأن عزلتي منقطعةٌ إليك

حينما جاء موكبك حشدًا مفردًا

من ملائك

يومئُ لأمّيتي بالشعر

وما أنا بشاعر

وكنتُ أؤثرُ درء الفضول

فرأيتِ أن أصدع بما أُوحى

وحُمِّلتُ أمانة قراءتك

وكان أن أنذرتُ

وبلّغتُ

ودعوتُ

وحوصرتُ

وهاجرتُ

وجاهدتُ

ونشرتُ

وما بويعتُ

إلا من سندكِ البعيد

فعُذِّبتُ

اليوم أُبقي لك مراثيَّ

من بعدي

كمجازٍ مقاربٍ إلى الوحي

عسى أن تتمم لك دَينَك

لتظلّي مبتدأً لخبرٍ لا يُدرك

ومستترًا

خلف اسمك

في الخلود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى