حوار عالم الثقافة: الشاعرة السورية رونيا ريشة وعامر الأحمد (وجها لوجه)

رونيا ريشة شاعرة تكتب العمودي والتفعيلة وقصيدة النثر .. لها  ديوان شعري ..(عتبات الروح) مهتمة بالأدب عموماً والشعر خصوصاً ..تستهويها الموسيقا  ولا تفوت حضور أي نشاط موسيقي  تحب المسرح وفي مجال عملها كمدرسة للغة الفرنسية نقلت هذه المحبة لطلابها وذلك بتدريبهم على تقديم مسرحيات باللغة الفرنسية.

 

س: كيف استدعت الشاعرة رونيا لغتها وأدواتها وكيف كانت البداية؟

ج: كنت أُولي عناصر الطبيعة اهتماما مختلفاً ..كانت وما زالت تستفز مكنوناتي كلما تأملتها ومن هنا بدأت تبدو رؤيتي  مختلفة للاشياء المحيطة وكما أعتقد أنها شكلت اختلافا جذريا عندما بدأت أترجمها عبر خواطر ..أو نص نثري صغير …حتى في سنوات الدراسة الإعدادية والثانوية كنت أروي شغفي من مؤلفات جبران وحنا مينة .. وأعتقد أني قرأت كل المؤلفات التي وصلت إلى يدي آنذاك.

***

من النثر إلى القصيدة الإيقاعية.. هل تعتقدين أن موسيقى الشعر تقف إلى جانب اللغة لإدخال المتعة والتّوهج الرّوحي للنّص الشعري؟

ج: نعم هذه حقيقة مطلقة فالشعر يمتلك  قدرة خيالية  فى تحريك الوجدان واستمالة القلوب،  فاقترانه بالموسيقى، المتمثلة فى الوزن والقافية المتتابعة فتنشرح له النفوس، وتتلقاه الأذن  بانسيابية وطرب.. إن الموسيقى عنصر هام  فى  النص الشعرى..فإذا ما اقترنت الصورة الشعرية واللغة الشعرية بها  بها نتج عنها قصيدة متكاملة  .الشعر عبارة عن لغة و خيال وموسيقى. ونحن شعوب فُطرنا على الإيقاع وهذا موجود حتى في غناء العتابا والموال البغدادي الموزون.

***

-كيف تنظرين إلى التّناص الزائد عن الحد في نصوص شعراء اليوم مع الموروث .. وهل ترين التناص والتضمين في الشعر بسبب ضعف الفكرة أم هو تقريب إلى ذهن المتلقي

ج: نعم أغلب النصوص الشعرية مكررة هذا فهل هناك صور شعرية لم تتكرر.وهل هناك شعر وأخص بالذكر الشعر العمودي لم يقل بعد ولا يشبه غيره. حتى شعر التفعيلة الذي يعتبر تجديدا بالشعر.. أقول أن التجديد كان فقط في البدايات ثم أصبحت أغلب النصوص تتشابه. وقلت أغلب وليس جميع ..هناك نصوص مذهلة وملفتة.. وأعزو هذا التكرار إلى سيطرة البيئة الواحدة .والتجدد البطيء الخطى فالتجديد يحتاج   للتعامل مع التراث كهوية يجب أن نضيف اليها لا أن نقف عند حدودها .. يجب أن نترك حصان عنترة كقيمة وأن نمتطي صهوات ما يناسب عصرنا ومواكبة التطور  لخلق معان وصور عميقة متجددة   .والتناص والتضمين لا بأس  به لخدمة الفكرة اذا اقتضى السياق على ألا تكون كل نصوصنا تناص وتضمين.

***

س: يلاحظ في نصوصك الميل إلى الوجدانية والصور الإشراقية الجميلة .. هل هي محاولة إلى المطلق .. وهل باعتقادك أن على الشاعر أن يمنح اللغة بعداً باطنياً لانهائيا كي يشرق مافي داخله.

ج: نعم هي محاولة للتعبير عن الفكرة ليس كما يراها الآخرون بل كما أشعر بها وأعتبرها الوسيلة الفنية التي تعبر  وتجسد  عمق الإحساس فهي براعة يمتلكها الشاعر ليصل إلى وجدان المتلقي .بالطبع الشاعر لا يكتب لنفسه ..هو يكتب وجهة نظره ورغبته وحلمه ورؤيته للعالم الذي يحلم بوجوده .الشاعر يخلق عالماً قائماً على الاحساس.مجبولاً بمزيج من الثقافات .فهذه الصور عندما تتغير  دلالاتها التي اعتاد عليها الناس عن طريق الرمز والمجاز، والانزياح تعطي للنص الشعري بعداً ورؤية مختلفة وهذا ما يجعلها  عنصراً فعالاً في توهج النص وتميزه ..لكنني بالوقت نفسه  لست مع  الضبابيه والترميز المزدحم الذي يجعل المتلقي حائراً ومرتبكاً أمام الصورة الشعريه.

***

س: الحلم واللا شعور من مرتكزات المدرسة السريالية في الأدب وهذه المدرسة الفرويدية هي حالة من الإشراق واللاوعي .. مدرسة غامضة ثرية بالحلم .. وديوانك عتبات روح لا تخلو قصيدة فيه من الحلم .. أليس التلقين بالصور هو عودة إلى التراث وأصولية ؟ ثم هل يجب أن يكون المتلقي حياديا فلا يشارك الشاعر هواجسه في قصيدة  ؟ أليست القصيدة مخاضا لمعاناة شاعر .. وهل يجب أن يكون الشعر في متناول الجميع؟

ج: الحلم بدلالته هو خروج عن إطار الواقع وتجاوز للمكان والزمان والتحليق في فضاء الصورة والخيال إلى اللامحدود.هو الجناح الذي يمكننا من التحليق في اتجاهات وفضاءات عدة .. نعم قصائدي تكاد لا تخلو من الحلم ربما لأن الحلم بالنسبة إلي إعادة ترتيب الحياة والعالم عبر التخيل والتصور. وأعبِّرعنه بمفرداتي وأدواتي الخاصة بي.. فالذات الشاعرة تختزن الكثير من الأحاسيس  الذاتية والإنسانية،وحتى الفطرية  تفجرها عبر الحلم بلغة شعرية خاصة .. وأظن أن  هذا ما يميز شاعر عن شاعر حتى ولو تكررت الصور. ما يجعلها متباينه ويعطيها سمة التجدد هو اللغة والخيال فاللغة الشعرية مكون أساسي من مكونات الشعر، هي لغة خاصة، تختلف عن اللغة المألوفة بما تتسم به من رموز وتعبير بالصور.

***

أما بالنسبة لسؤالك هل يجب أن يكون الشعر في متناول الجميع؟

ج: أعتقد  أن تعدد الثقافات وتنوعها والتمايز بين الأفراد بالمعرفة والثقافة جعلت للنص الشعري المعاصر متذوقين نخبوويين وأن يصبح الشعر نخبوي  هو ما نصبو إليه .بالنسبة للسريالية أحب غموضها الذي يعطي بياض القصيدة أكثر من فضاء.. ولكن أنا لست مع غموض المدرسة الدادائية وطلاسمها الذي لا يصل بالمتلقي سوى للسراب والضياع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى