أرواحٌ شاقها الأفق
فاطمة محمود سعد الله | تونس
كقميص مبلل بالعرق
تُسْقِط خطايا الوهم و الإيهام ستَرها
كنار بلا وهج..
كهودج الغياب يهزه الفراغ
تطرح النواةُ قشرها
كأم على ربوة الانتظار تستحث الزرقاء
تسطلع ما وراء الغبار…
ابنا قد يتراءى بين سطور الماء
تستقرئ كف َّ الوداع
وتنزف الحصاةُ سرَّها..
حين قُدّ قميصُ الصبر وانفلق..
كزبد يطفو على سطح الكلام ترتعش الوعود
كوردتيْن ضلتا الطريق..
بين ضفاف الجحود..
كجرح غائر الدفق..
سال الاحمرار بين أنامل عابرة للشفق
كأنا بلا أنت..
كان الشوق وكان الأرق
ينزلقُ اللسان
يتلوى كراقصة إسبانية
ترفع ذيل فستانها المزركش
يرقص اللسان
يرتفع الفستان
حد الركبتين..تمتد الأعناق
يسيل لعابُ الغواية
يسقط الوفاء مغشيا عليه
و يظل الصدق بين نجاة وغرق
كم كنتِ غريبة أيتها الحمامة
وأنت تبنين عشك بين سطور قصيدتي!
كم كنتَ غريبا أيها القادم من أعماق البعد!
وبين الغربة والغرابة، يتمدد وطنٌ
كنتِ تصبغين ريشك بِالضوء
وتعلقين على مشجب الغد سماءً فيروزية
وكان يفتح في الأرض
صهاريج الضياع
تسيجها القيود
كنتِ…وكان أيتها القصيدة وجها وقفا
كنتما بين صبح وغسق..
لم أعد أدري…
أما زلتُ على قيد الإدراك
أم قد نجحتَ في تدوير كينونتي؟
منّي إليّ …
أنطلق وأعود لأراني شجرة توت
تتوالد أوراقها ستائرَ
تظلل روحي الغريبة وتمسح دمع يتمي
أراك…
صدى لأغنية بلا حنجرة
لمعزوفة بلا أنامل تستقرئ نوتتها
و…طائرا ينقرالوعود كما اتفق…
هل يكون الحرف مذنبا إذا شاقه الضياء
إذا عانق النجوم
كل مساء
إذا رفض زئبقية الوعود
وكفر بالانحناء؟
بكَت طفلة المراعي بين السنابل
وعول الخوف تركض في شرايينها
و على لسانها تتعثر
أغنيةٌ خزّنتها بين الأهداب والشفتين
كي بنار الشوق..لا تحترق..
يا رعودا مهاجرة إلى صيف الكلام
وثلوجا تعلمها الشمسُ
طقوس الدفء والإشراق والألق
كوني حنانا
كوني أمانا
فالأرض أصابها الجنون
والسماء تعلو..وتعلو ..
وأنا وقصيدتي غريبتان هائمتان
وروحان .. يجذبنا الأفق