مارثون لقاح كوفيد- 19: اللاعبون (1)

أ. د. فيصل رضوان | أستاذ التكنولوجيا الحيوية الطبية والسمومالولايات المتحدة الأمريكية

يعمل العلماء في جميع أركان الأرض وبشكل هو الأسرع من أي وقت مضى لإيجاد لقاحات يمكن لها أن تساعد في توقف عجلة الانتشار العالمي لفيروس كورونا المستجد المسبب لما يعرف بمرض COVID-19. والآن، بعد ما يقرب من عام من بداية الوباء، أصبح لدينا العديد من اللقاحات الواعدة – واحدة منها تم الموافقة عليها بالمملكة المتحدة حيث بدأ التطعيم الفعلي للبشر منذ أمس —ولقاحات أخرى على وشك المرور بالموافقة التنظيمية ليتم طرحها خلال أسابيع قليلة.

تبدأ التجارب “قبل الاكلينيكية” لتخليق اللقاح في المعامل ويتم تجريبه على حيوانات التجارب لقياس مدى الفاعلية والأمان.  وقبيل وصول اللقاحات الجيدة الى نهاية السباق، تمر كل منها بتجارب سريرية بشرية مرهقة، تبدأ بتجارب المرحلة الأولى phase 1 ذلك لاختبار سلامة اللقاح وتحديد الجرعات المناسبة، وأي آثار جانبية محتملة لدى عدد صغير من الأشخاص.  ثم تستكشف تجارب المرحلة 2 phase مزيدًا من اختبارات الأمان وتبدأ في التحقيق في الفعالية على المجموعات الأكبر.

ومع نهاية السباق حيث يتساقط كثير من اللاعبين (ربما لعدم الكفاءة – أو للإجهاد المادي وعدم توفير داعمين)، تبدأ تجارب المرحلة الثالثة  phase 3 – التي يصل إليها عدد محدود من اللقاحات — في تطعيم عشرات الآلاف من الأشخاص، لتأكيد وتقييم فعالية اللقاح واختبار ما إذا كانت هناك أي آثار جانبية نادرة، قد لا تظهر إلا في مجموعات كبيرة. وتتراكم كل هذه النتائج حيث يتم نشرها وتوثيقها؛ وتخضع للتقييم الصارم من لجان علمية محايدة عند تقديم طلب السماح بالتصنيع والطرح بالأسواق.

هناك أكثر من 154 لقاح تم تجربته على حيوانات التجارب حول العالم، وصل منها فقط الان 10 لقاحات لتجارب المرحلة الثالثة. وقد خصصت الحكومة الفيدرالية الأمريكية في وقت لاحق أكثر من 9 مليارات دولار لتطوير وتصنيع هذه اللقاحات المحتملة لخط النهاية. ذهبت أكبر المبالغ إلى شركات الأدوية العملاقة Pfizer و AstraZeneca، وتعاون بين Sanofi و GSK، بالإضافة إلى شركتي التكنولوجيا الحيوية Moderna  و Novavax، وتم تخصيص أكثر من 2.5 مليار دولار لقوارير لتخزين اللقاحات ، والحقن لتوصيلها ، وللجهود المبذولة لزيادة التصنيع والقدرة.

والجدير بالذكر أن جميع اللقاحات التي نالت التمويل الحكومي تعتمد على تقنيات جديدة، معظمها لم يكن أساس معروفا في تصنيع اللقاحات المعتمدة في السابق. وقد تم اختيارها على أساس يضع عوامل الابتكار  التكنولوجي والتطوير كأدوات حاسمة للإنتاج السريع للقاحات دون الطرق التقليدية. ولتوفير الوقت، كانت ثلاثة من الشركات المتنافسة تجري تجارب في وقت واحد، وتشارك النتائج بشفافية، ذلك ليكمل بعضها البعض.  وربما كان هذا أمر مهم جدا في السرعة اللازمة لمكافحة الفيروس الذي يقتل الالاف يوميًا.

في المقال التالي نستكمل الحديث عن أنواع اللقاحات، كيفية عملها وفاعليتها وسلامتها في البشر.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى