المصاب الجَلَل في رثاء شيخنا الفقيهِ يحي بنِ أحمدَ بنِ سليمانَ الكنديّ النَّزْويّ
الشيخ عبد الله بن راشد السيابي | سلطنة عمان
(شيخنا الفقيهِ النزيهِ الورِعِ بقيّةِ السَّلَفِ يحي بنِ أحمدَ بنِ سليمانَ الكنديّ النَّزْويّ، وافته المنيّة يوم الأحد 20 ربيع الثاني 1442 هـ الموافق 2020/12/6 م عن عمر 93 سنة)
مصائبُ أهلِ العلمِ جاءت لنا تَتْرى
إذا ما انقضتْ أُولى أتتْ نحوَنا الأخرى
///
تداعتْ بآلامٍ وحلّت بحُرْقةٍ
بنا من لَظاها أشعلتْ بالبَلا جَمْرا
///
مُصابُ أُهيْلِ العلم خَطْبٌ ومِحنةٌ
تعمُّ بقاعَ الأرض لم تتركنْ شِبْرا
///
سلامٌ على نزوى وقد جَفّ نبعُها
وقد كان في آذيِّهِ يُشبه البحرا
///
سلامٌ على نزوى وقد غاب بدرُها
فأظلم وجهُ الأرض مُذْ ودّعت بدرا
///
سلامٌ عليها إذ تُشِيّعُ عالِمًا
وترجعُ بعد الدفن من لوعةٍ حسرى
///
سلامٌ عليها إذ تودّعُ زاهدًا
قضى دهرَه رَهْنَ التعفّفِ ما انجرّا
///
إلى مُتَعٍ تهوى لها الناسُ عِيشةً
ولكنّه بالزهد أعطى لها ظهرا
///
هنيئًا له لم تختلبه حياتُنا
بزهرتها بل كان يسعى إلى الأخرى
///
رحلتَ أبا عبد العزيز مخلِّفًا
وراءَك من نفْح الثنا وِرْدُه يُقْرا
///
رحلتَ وشاراتُ المحامدِ جَمّةٌ
عليك وآياتُ الثنا في المَلا تَتْرى
///
رحلتَ وأثوابُ الصّلاح تعلّقت
ببُرْدِكَ إذ صيّرتَه بالهدى سترا
///
صَبورٌ شَكورٌ لم يَنِئْ منه كاهلٌ
بأيّ بلاءٍ حين قابلَه صبْرا
///
له غَيْرةٌ في الدين يُعْلي نداءَها
ويُسْمِعُها مَن كان تَعني له جهرا
///
تحلّى بآداب الوقار وسَمْتِه
فلا تلقَ إن جالستَه أبدًا هَذْرا
///
بقيّةُ أسلافِ الديانةِ والوفا
وأصحابِ أهلِ اللهِ مَن عشقوا الأخرى
///
فلم تَختلبهمْ ذي الحياةُ بزَهوها
ولا جمعوا منها لُجَيْنًا ولا تِبْرا
///
كَفتْهم بها من بُلْغة العيش لقمةٌ
قد اتخذوا من بُرْدِها المنتقى سترا
///
أولئك أهلُ الله ساروا بهديه
وما بدّلوا من سيرة لهمُ طُرّا
///
على منهج المختار قولاً ونيّةً
وفعلُهمُ لا يرتضي القُبْح والنُّكْرا
///
أقاموا على شرعِ المهيمنِ حكمَهم
ولم يرتضوا عنه البديلَ ولا الغَدْرا
///
حياتُهمُ لله سمعًا وطاعةً
ونصحًا لدين الله سرًّا كذا جهرا
///
أولئك أشياخي وأربابُ نِحلتي
بهم أقتدي واللهِ في منهجي سَيْرا
///
بهم تَسْعَدُ الدنيا أمَانًا ونعمةً
وتلقى على درْبِ الصلاحِ بهم خيرا
///
لقد حُمِدَتْ منهم خصالٌ وطُرِّزَتْ
بُرودُ الثَّنا حتى غلَتْ بينهم تَجْرا
///
أيا شيخَنا يحي سلكتَ طريقَهم
وسارت بك الركبانُ تحدو الثَّنا شعرا
///
وسطّرتِ الأقلامُ عنك محامدًا
وقد نمّقَتْها في الطُّروس لكم نثرا
///
كذلكمُ الطلاّبُ إذ كنتَ بينهم
يُديرون كأسَ العلم صفوًا بها البُشرى
///
وتبدو عليهم شَارةُ الحمد مَعْلَمًا
يرصِّعُها الإخلاصُ منك لهم دُرّا
///
عليكَ من الله الكريمِ سحائبٌ
تَفيضُ برحْماتٍ وتَسقي لكَ القبرا
///
لِتَسعدَ باللطف الجميلِ وترتقي
إلى جنة الفردوس تلقى بها البِشْرا
///
أُعزّي جميعَ المسلمين وأهلَه
ونزوى وطلّابًا سَمَوْا بالهدى قَدْرا
///
أعزّي عمانَ الخيرِ والمجدِ والعلا
بفقدٍ أتى بالحُزْن إذ شَمَلَ القُطْرا
///
ويا ربِّ لا تَحْرِمْ عُبَيْدًا وناظِمًا
رِثاءً فجُدْ بالعفو واكتبْ له الأجرا
///
وحقّقْ له خَتْمًا بطاعة ربِّه
يَرَ الفوزَ في العُقبى ويَحْظَ به ذُخْرا
///
وخيرُ صلاةٍ للحبيب محمّدٍ
وتسليمةٍ للمصطفى مَن علا قَدْرا
///
وآلٍ وأصحابٍ هُداةٍ ومَن قفا
طريقًا لهم ما حادَ عن نهجهم شِبْرا
الأربعاء 23 ربيع الثاني 1442هـ – 2020/12/9م .