لا يعرفون الحب

د. أحمد جمعة | مصر

لا يعرفون الحب هؤلاء الذين لم يختبروا قساوته وما يفعله في معتنقيه من فرقة وجفاء.
الذين لم يفعل بهم الحب خبثه ولم يجرب فيهم افتراءاته التي ما تلبث أن تصير رمادًا تذروه التضحية لحضن حقيقي.
الحب لا يعرف مسالكا سهلة ولا مقدمات بسيطة ولا حتى يمكن الوصول إليه به لمرفأ آمن قبل أن ينهش الملح قلبك الذي جرحه الأقرباء،
قبل أن ينحت الملح ملامحك بالصلابة المبتذلة التي ما تفتأ أن تصبح قوارب ورقية لضحكات هشّة تتقشر من أنّاتك وترفل بها دمعات الحنين المستعصية.
الحب لهؤلاء الذين خلعوا عنهم كل ما سواه وبذلوا فيه شقاءهم، وعاندوا ابتسامات قدرهم الصفراء بابتساماتهم التي خلعوها عن أحزانهم، وباتوا ملء جفونهم نار اشتياق لمن خذلوهم فأصبحت رمادا، لكن نارًا أخرى لقرب من منحوهم الانتماء قد اتقدت ولا قرب دونها قد يخبتها للأبد.
الذين يعرفون أن للحب جذوة من إن اتقدت فلا نسمة عاتية لماضٍ أو ماءٌ غزير لمستقبل باهت قد يعرّيها من زمهريرها، وكل ما قد يحول بينهم وبين حبّهم يحوّلونه لما بعد الرماد؛ عدم لا يعرف كنهه إلا الله،
هؤلاء تحديدًا من يخرجون من الحياة بقلبٍ سليم ذاق للحب قبل حلاوته مرارته، فناموا للأبد ملء أرواحهم السلام!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى