الأطر الذهنية للنجاح

أ.د. محمد سعيد حسب النبي | أكاديمي مصري

 

في العام 1954 حقق “روجر براينستر” رقماً قياسياً في العدو، حيث كان أول رياضي يعدو مسافة ميل في أقل من 4 دقائق، وقد كان هذا الأمر مستحيلاً في نظر كثير من الرياضيين، ولم يُقبِل على القيام بهذه المحاولة إلا النذر اليسير من العدائين، ولكن بعد إنجاز “روجر” أقبل عديد من العدائين على هذه التجربة، وفي غضون 10 سنوات فقط بلغ عدد الذين أنجزوا مثل رقمه بل وتفوقوا عليه قد تخطى 350 عداءً؛ فقد أيقنوا أنه ما دام هناك من استطاع فعل ذلك الأمر؛ فالكل قادر عليه، وسيصل لاشك يوماً إليه، وبذلك فقد بثت تجربة “روجر” روح المنافسة والثقة  للتغلب على مخاوف الفشل وقهرها.

كم من عراقيل غُرست في أذهاننا، أعاقتنا عن ممارسة حياتنا على الوجه الذي نرتضيه منها، وكم من أصنام فكرية عُبِدت، ولم نستطع الفكاك عنها، وحري بنا أن ندك عراقيل المستحيل، ونحطم أصنامه دون خوف أو قلق؛ لنحقق ما بدا لنا بالأمس محالاً، فالنجاح ممكن، والتفوق أكيد، والنبوغ ميسر لطالبيه.

إن التفوق والنبوغ طاقة ديناميكية تدفع النابهين من البشر لإنجاز النجاح وتحطيم العقبات؛ فالناجحون بارعون في تخطي العوائق، والمخفقون بارعون في اختلاق الأعذار. والعجيب في الأمر أن الفرص التي تُيَسر للناجحين لم تكن في كثير من الأحيان مثالية كما يحلو الظن للمتفرجين في هذه الحياة؛ وإنما تلمع تلك الفرص في فضاء حياتنا بين لحظة وأخرى فيتلقفها البارعون قبل أن تغيب بين طيات الأيام. بل وفي أحيان كثيرة ينتزع الناجح فرصة نبوغه كلاعب فطنٍ يقتنص الكرة ليسددها بركلة سحرية في المرمى ليضج الجميع بين منبهر ومندحر.

وعلى الآملين في التفوق والسائلين عن دربه، أن يخلقوا إطاراً ذهنياً إيجابياً لما يُقدمون عليه من مهمات، وفيما يقومون به من  أداءات، وليدرؤا ضلالات الفشل التي تقود في النهاية إلى قصور الرؤية الذهنية؛ فتجذب صاحبها للوراء، أو تجرفه لقاع سحيق من الفشل واليأس. إن الأطر الذهنية إيجابية كانت أم سلبية ترتبط بشكل وثيق ومتناغم مع سلوكياتنا التي ترمي إلى النجاح أو الإخفاق.

ولاشك أن القدرة على تلمس هذه الغايات ليست أمراً سهلاً يسيراً؛ ولكنها الطريق الأقوم لتكوين الشخصية الإيجابية البناءة والفاعلة، والتي لا تقف عند حد بناء الذات؛ ولكنها تمتد لتضيء السبيل للآخرين ليقتدوا ويهتدوا، فتصير العدة والعتاد الملهم للقوة، والحافز للقدرة على الاستمرار وتحقيق النجاح، فقد غرستْ بذور الأمل في تربة الآخرين حتى أضحى التفوق الغاية القريبة والمصير الأكيد. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى