تماهي الواقع والخيال في “لمن تشرق الشمس” – لهدى  حجاجي أحمد

محمد الخفاجي | ناقد

لأننا جزء لا يتجزأ من العالم والمجتمع الذي تعيش فيه، كوننا بشر لنا الفاعليةوالقوة والقدرة على التأثير والتغيير فيه، أصبح لنا تأريخ يؤرخ ويسجل كل ما نقوم به بشتى الوسائل، لوحات فنية أو مذكرات شخصية أو رحلات سياحية وقد نؤرخ لذلك ونسجله من خلال عمل أدبي بقصيدة أو رواية أو قصة قصيرة. أو عمل أدبي فني بمسلسل أو فلم أومسرحية.

وهنا تماهى الواقع والخيال وامتزجا في عمل أدبي قصصي مع صياغة فنية ممتعة بلا تقريرية الحكاية وموضـوعاتها الباردة التي لا تلتـــزم بفنية القصة القصيرة، قصة واقعية حدثت في قري من قرى أريــاف مصر قامت الكاتبة بمحاكاتها بهذا الجنس الأدبي الغزير في نتاجاته عالمياً وعربياً.

التزمت فيــه بتقنيـة وعنصر ما يعارف بالسارد أو الـحاكي أو الأنا التي تبث مناجاتها، وتفتح بريد ذاكرتها وتدير شريط الأحداث المتجمعة فيها، وتمثل ما علق من مشاهد حياتية فيها على مسرح الخيال. بطل القصة شاب طال عليه الأمد وفارقه ربيع الحياة، ليجعله رفيقاً لخريف تتساقط أوراقه وتبقيه كشجرة يأسة انتزعت منها ريح الهموم والأحزان كل أوراقها الخضر.

المشهد الأول منطلق القصة كان لبطل القصة وهو يضع رأس أبيه في حجره هكذا: ” كان يقظاً يفكر بقلق ورأس أبيه ما تزال بحجره…” مع توصيف لما يحويه المشهد من حالة شعورية زمانية وتوصيف للمكان الذي يدور به هذا المشهد، ثم الانطلاق منها لسرد أحداث ومشاهد أخرى، مثل مشهد ضربه وتمزيقه لامرأة لعوب بدلاُ من قضاء يوم رومانسي معها، بعدها  مشهد ما  حصل له عقب وفاة إمه سارداً لنا حلماً أفزعه: ” رأى أمه تند\فع باتجاهه و هو يرقد متوسلا ً بعد أن سقط على الأرض فشعر بأنه مشدود…” ثم مشهد آخر روى فيه أجواء ذهابه للمدرسة خلال سقـوط المـطر ومـا تبعه  من تأخره في الوصول المبكر وتأنيب فمعاقبته من قبل  المدرس الذي وصفه وصفاً لا يخلو من سخرية: ” قصير أسمر بلون الفول السوداني ذائع الصيت لمروءته وحماسه الوظيفي…” بعدها سرد لنا مشهد إجهاده وحثه بالمسير كي يصل للقرية التي ولد فيها كي يسبق وفاة أبيه الذي كان هو أيضاً مشهد بدء للأحداث وتدوير شريط المشاهد وهنا تذكر أمه ومقالها الذي يمثل ثيمة وخلاصة المشاهد والحصيلة المتخيلة والمراد الوصول إليها للنص ككل: “  فأبصر أمه التي قالت وهي تنحني على الأرض إن الشمس لا تشرق لإمثالنا يا بني…”. ومشهد آخر لوفاة أخته التي أصابها يوماً بحجر فأقعدها:” تذكر كلمات اخته  الأخيرة النابعة من أعماق روحها  (أنت لست مخطئا  يا اخى فلم تكن تقصد…). والمشهد الأخير كان لوفاة والده.

بالمجمل النص كان عبارة عن رحلة في الذاكرة تخللها كم من الاحاسيس وكذا المشاعر الإنسانية التي تعلق في الذهن  وقد تحدد إتجاه ونمط عيش الشخصية وتسيطر عليها، وهذا حاصل بين ثنايا النص الممتلئ بالحـــزن والضاج باليأس.

أما فنياً فــقد كان النص جيداً في سرده مــع توصيف لا بأس به لزمان ومـكان  الحدث وتجليات المشاهد، مع حبكته ينقصها الدقة نوعاً ما وهناك إرباك زمني  في الذهاب والعودة ما بين المشاهد خلال بوح الذاكرة من قبل السارد، العبارت

 لتوصيفية لغتها جيدة وبها جمل تحمل إيحاءات بلاغية جيدة واستعارات قادرة مع وجود لعبارات مقحمة غير صحيحة الدلالة ولا تتناسب مع واقع الحال: (كان محطماً كالقضيب المعدني الضعيف)، (كان كل شئ كقوس قزح بلا ملامح محددة).

واحتوى العنوان باعتقادي على بعد فلسفي ( لمن تشرق الشمي ) كأنه سؤال مجاب.

كمــا توافــر النص على شروط وعناصر القصة الفنيـة بشكل عـام ( حدث مـن خلال السارد، شخصـية رئيسية مع شخصيات ثانـــوية مساعدة، زمان ومكــان حبكة ,وإن  كانت غير موفقة نوعاً ما كما ذكرنا اعلاه، فكرة ومغزى).

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى