قراءة انطباعية في نص ” ملوثون بالخنوع “
محمود البقلوطي| تونس
أولا النص: لشاعرة التشكيلية سماح الضاهر
عندما يسألك الجرح عن وطن يرممه
و عندما يسألك الحلم عن قدر يحققه
و كيف لا تلوكك الخيبات ؟
أه كم هو زائف هذا الزمن
الذي نرى فيه الحقيقة ونصمت
و كم هي هشة تلك الحناجر
التي أقصاها الخوف
و شلها العوز
و كم عمياء عيوننا
و نحن نرى الظلم
و نتجاهله
و نرى عمرنا أصبح
حطبا لشهواتهم
و جبروتهم الماجن
و كم سقطت رجاءاتنا في قاعٍ
لا يملؤهُ إلا الفراغ و اليأس
و أين بصيرتنا و نحن ملثمون بالخنوع
غارقة هي إرادتنا بالقاع
مجبولة بطين و بعض هزيمة
ممرغة بصدأ الانتظار
و وهم الضعف
في زمن يغتر باللاعدل
و يصفق للطغاة .
ثانيا – القراءة:
تبدأ الشاعرة مطلع القصيد بسؤال مفتوح لنفسها ولكل إنسان يعيش في محيطها (عندما يسألك الجرح عن وطن يرممه، وعندما يسألك الحلم عن حلم يحققه، وكيف لا تلوكك الخيبات؟)
لتطلق صيحة وجع معبرة على الرداءة التي نعيشها والنزيف الساكن فينالاننا بلعنا ألسنتنا وخيم الصمت على أفواهنا: (آه كم هو زائف هذا الزم/ الذي نرى فيه الحقيقة ونصمت / ما أجبننا.. / وكم هي هشة تلك الحناجر
التي أقصاها الخوف / شلها العوز)
لتتمادي في تعريتنا وفضح تأهلنا وغض الطرف على المصائب والمأسي التي تقع من حولنا (وكم عمياء عيوننا/ ونحن نرى الظلم/ ونتجاهله / تخلينا على إنسانيتنا وعزة نفوسنا/ فتشيأنا وأصبح لا قيمة لنا / ونرى عمرنا أصبح / حطبا لشهواتهم / وجبروتهم الماجن)
لتتمادي في جلد الذات بمفهومها الجمعي الواسع لتكشف مدى النوع، الإذلال وانحدارنا إلى القاع نتيجة اليأس الذي دمر أعصابنا وألم بنا.. أين ذهبت بصيرتنا؟ لماذا هذا الانتظار ووهم الضعف؟ / في زمن قبول اللاعد والتصفيق للطغات.
قصيدة رائعة وعميقة فيها جلد للذات ومحاسبتها وفيها نوع من التحفيز للعقول لتستفيق وتثور على هذا الوضع الكفكاوي المرير وتفتح آفاقا رحبة لتجاوزه وتغييره.